عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ ـ س 2 البقرة، الآية: 187 ـ ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ ـ س 2 البقرة، الآية: 187 ـ وما إلى ذلك، ولا تكون عرفيّة في حمل الأمر على الأمر التخييريّ في مورد توهّم تعيينيّة الأمر الأوّل، بعد إحراز أنّ الأمر الثاني أيضاً في ذاته لإنشاء الوجوب، لا للإباحة ونفي الحظر.
وما نحن فيه من هذا القبيل؛ فإنّ أصل كون الأمر بالتيمّم لإيجاب التيمّم ممّا لا شكّ فيه، وإنّما الكلام في كونه واجباً تعيينيّاً أو تخييريّاً، والمرجع عندئذ إنّما هو ظهور الأمر في التعيين، فهذا الوجه الأوّل لحلّ الإشكال لا يرجع إلى محصّل، ولا زلنا نقول: إنّ ظاهر الآية كون التيمّم واجباً تعيينيّاً.
الوجه الثاني: أن يقال: إنّ شمول المرض في الآية الشريفة لما يضرّ معه الصوم ضرراً غير محرّم لم يثبت، وتوضيح ذلك: أنّ المرض في الآية غير باق على إطلاقه يقيناً؛ وذلك بمقيّد ارتكازيّ كالمتّصل؛ لوضوح أنّ المرض لو لم يكن يضرّ معه الوضوء، لم يُحتمل ـ بمناسبات الحكم والموضوع ـ إبطاله للوضوء أو إسقاطه عن الوجوب، فلابدّ من أخذ قيد في المقام، وهذا القيد كما يناسب أن يكون عبارة عن قيد مضرّيّة الوضوء، كذلك يناسب أن يكون عبارة عن قيد حرمته؛ لأنّ حرمته تسلب القدرة الشرعيّة من المكلّف على الوضوء.
ولا معيِّن في المقام للقيد الأوّل على الثاني، والإطلاق لا يثبت الأوّل في مقابل الثاني؛ لأنّ الإطلاق ومقدّمات الحكمة إنّما ينفي القيد الجديد المحتمل، ولا يعيّن القيد المحذوف المردّد بين مفهوم واسع ومفهوم ضيّق في المفهوم الواسع.
وعليه فالآية الشريفة لم تدلّ على أكثر من الانتقال إلى التيمّم في مورد كون الوضوء
←