إلاّ أنّ الصحيح وقوع التعارض بين الحكمين بلحاظ الإطلاق، فإذا قال مثلا: (قم عند طلوع الفجر)، وقال أيضاً: (اجلس عند طلوع الفجر)، كانا متعارضين بلحاظ الإطلاق؛ حيث إنّ إطلاق كلّ واحد منهما يشمل فرض الانشغال بالآخر، ولا يمنع عن هذا الإطلاق تقيّد كلّ واحد منهما بعدم الانشغال بالأهمّ أو المساوي.
وتوضيح ذلك: أنّ عدم جواز التمسّك بإطلاق الأمر لفرض الانشغال بواجب آخر، وإثبات كونه أهمّ منه كان له ـ على ما سبق ـ تقريبان:
أحدهما: عدم جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، وأنّ المقام من هذا القبيل حينما نحتمل كون ما اشتغل به لا يقلّ أهمّيّة عن المأمور به، كما هو المفروض.
والثاني: أنّ المولى العرفيّ ـ عادة ـ ليس في أمره بشيء بصدد المقارنة بين الواجبات المتزاحمة، وبيان أهمّيّة بعضها عن بعض.
وهذا التقريب الثاني لا يأتي في المقام؛ فإنّه إنّما يتمّ ما قلناه ـ من أنّ المولى العرفيّ ليس بصدد المقارنة وإحراز الأهمّيّة ـ بلحاظ ما يزاحمه صدفةً. أمّا بلحاظ ما يزاحمه دائماً فعادة المولى يحسب حسابه ويلحظه في بيانه، فحينما أمر بالقيام ـ مثلا ـ مع علمه بكون الجلوس مضادّاً له دائماً، كان هذا دالاًّ على أنّ القيام أهمّ من الجلوس في نظر المولى، وكذلك العكس.
وبمثل هذا البيان أيضاً نُبطل التقريب الأوّل في المقام؛ فإنّ المولى حينما يكون هو بصدد إحراز قيد، لا معنى لتقييد جعله بذلك القيد. والمولى بلحاظ المزاحمات الدائميّة يكون هو بصدد إحراز أهمّيّة المأمور به عنه، فليس الأمر مقيّداً بعدم الانشغال بها.
الملاحظة الثانية: أنّه كان بالإمكان إدراج القسم الأوّل والثاني من الأقسام