وهنا نقوم بتحليل لاحتمال كون المزاحم أقلّ أهمّيّة من ذلك الواجب، فنقول: إنّ احتمال كونه أقلّ أهمّيّة، تارة: يكون من دون احتمال مقابل في الطرف الآخر بكونه أقلّ أهمّيّة عنه. واُخرى: يكون مع احتمال ذلك في الطرف الآخر أيضاً، إلاّ أنّ أقلّيّة الطرف الآخر في الأهمّيّة أضعف. وثالثة: يكون مع احتمال ذلك في الطرف الآخر بنحو مساو لاحتماله في هذا الطرف، أي: نحتمل في كلّ واحد من الطرفين الأهمّيّة بقدر احتمالنا في الآخر.
أمّا الفرض الأوّل: وهو ما لو كان احتمال الأقلّيّة في الأهمّيّة مخصوصاً بأحد الطرفين، فهو الذي كان مورد كلامنا في المرحلة الثانية، ونقول فيه: إنّ ما لا يُحتمل كونه أقلّ أهمّيّة، يكون امتثاله مانعاً عن فعليّة ما يحتمل كونه أقلّ؛ لأنّه لا مبرّر لإطلاق دليل الواجب لفرض الانشغال بما يعلم بأهمّيّته أو مساواته. وأمّا ما يُحتمل كونه أقلّ أهمّيّة، فمن العقلائيّ فرض بقاء الإطلاق في الآخر لصورة الانشغال به، صَرفاً للعبد ممّا يحتمل أقلّيّته في الأهمّيّة إلى ما لا يحتمل فيه ذلك، فنتمسّك بإطلاق الأمر فيه.
وأمّا الفرض الثاني: وهو ما لو كان احتمال الأقلّيّة في الأهمّيّة موجوداً في كلا الطرفين، إلاّ أنّه في أحد الطرفين أقوى، وفي الآخر أضعف، فما كان احتمال أقلّيّته في الأهمّيّة أضعف منه في الآخر، كان من العقلائيّ فرض كون الأمر به مطلقاً يشمل صورة الانشغال بالآخر، صرفاً للعبد عمّا يقوى احتمال أقلّيّة الأهمّيّة فيه إلى ما يضعف احتمال ذلك فيه. ولم يكن من العقلائيّ فرض كون الأمر بما كان احتمال أقلّيّته في الأهمّيّة أقوى منه في الآخر مطلقاً يشمل صورة الانشغال بالآخر؛ إذ لا مبرّر لصرف العبد عمّا يضعف احتمال قلّة أهمّيّته إلى ما يقوى احتمال قلّة أهمّيّته. وبهذا يثبت أنّ أقوائيّة احتمال الأهمّيّة من المرجّحات.
وأمّا الفرض الثالث: وهو ما لو كان احتمال الأقلّيّة في الأهمّيّة في كلا الطرفين