افتراض شمول إطلاق الحكم لفرض الانشغال بما لا يدري العبد أنّه هل هو مساو للمأمور به، أو أقلّ أهمّيّة عنه.
وعليه فنقول في المقام: إنّه لو انشغل بالإزالة فإطلاق الأمر بالصلاة ساقط يقيناً؛ لأنّ الإزالة ممّا يعلم بأنّه لا يقلّ أهمّيّة عن الصلاة، ولكن لو انشغل بالصلاة فالمقيّد اللبّيّ ـ الذي قام عليه البرهان ـ لا يقتضي سقوط إطلاق الأمر بالإزالة؛ لأنّه لم يعلم كون الصلاة ممّا لا يقلّ أهمّيّة عن الإزالة، فنتمسّك بإطلاق الأمر بالإزالة، لا من باب التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص، بل من باب أنّ هذا الفرض غير داخل في المخصّص اللبّيّ رأساً؛ لما عرفت من ضيق دائرته واختصاصه بفرض العلم(1) بأنّه لا يقلّ أهمّيّة عن المأمور به.
احتمال أهمّيّة كلّ واحد من الحكمين مع كون الاحتمال في أحدهما أكبر:
وأمّا المرحلة الثالثة: فحينما نحتمل الأهمّيّة في كلّ من الصلاة والإزالة ـ مثلاً ـ المتزاحمين، مع كون احتمال الأهمّيّة في الإزالة أكبر، كان هذا ترجيحاً للإزالة على الصلاة.
وللبرهنة على ذلك نتسلسل في نفس التسلسل التفكيريّ الذي نهجناه في المرحلة الاُولى والثانية. ولنبدأ ممّا انتهينا إليه في المرحلة الثانية، فنقول: قد وصلنا في المرحلة الثانية إلى هذه الصياغة لتقييد الواجبات بالمقيّد اللبّيّ، وهي: أنّ كلّ واجب يكون وجوبه مقيّداً بعدم الانشغال بمزاحم يُعلم أنّه لا يقلّ أهمّيّة عنه، ولا يُحتمل كونه أقلّ أهمّيّة عنه.
(1) الظاهر: أنّ المقصود خصوص العلم المطابق للواقع؛ لأنّه القدر المتيقّن من التقييد.