وإذا جاز تزويج الكتابيّة ابتداءً ثبت بقاؤها على الزوجية لو أسلم الزوج بطريق أولى، وثبت أيضاً بقاء المسلمة إذا ارتدّت إلى دين الكتابيّ بالتعدّي العرفي.
نعم، ورد في خصوص المجوسيّ ما دلّ على إلحاقه بالمشرك، فلو أسلم المجوسيّ وبقيت الزوجة على تمجّسها وقف النكاح على انقضاء العدّة، كما في صحيحة منصور بن حازم(1).
ثُمّ إنّه يوجد في مقابل أدلّة جواز نكاح الكتابيّة الدائم آية وروايات:
أمّا الآية فقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾(2)، فبرغم أنّ مورد نزولها هو المشركات مع ذلك يقال: إنّ مقتضى إطلاقها شمولها للكتابيّات.
وأمّا الروايات فروايات النهي(3) أو عدم الانبغاء(4) ـ على نقص في الثاني سنداً ودلالةً ـ قابلة للحمل على الكراهة في مقابل أدلّة الجواز.
وإنّما المهمّ منها ما صرّحت بتفسير الكوافر في آية: ﴿لاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ بما يشمل الكتابيّات، وجعلت هذه الآية ناسخة لآية: ﴿وَالْمُـحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾(5).
وعلى الرغم من أنّ روايات الجواز أكثر قد يرجّح جانب الحرمة بالرجوع إلى الآية الشريفة: ﴿وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ مرجّحة أو مرجعاً.
ولكن في دلالة الآية غموض؛ لأنّ الإطلاق في كلمة ﴿الْكَوَافِرِ﴾ للكتابيّات إطلاق بحذف المتعلَّق؛ إذ لم يذكر أنّهنّ كوافر بأيّ شيء، هل بالله أو التوحيد مثلاً؟ فتختصّ الآية بالملحدات والمشركات، أو بنبوّة رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فتشمل الكتابيّات، وقد نقّحنا في محلّه أنّ وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب يبطل الإطلاق الذي يستفاد من حذف المتعلّق، والمتيقّن في المقام هو الكفر بالله أو التوحيد، فشمول الآية للكتابيّات غير واضح.
أمّا إثبات إطلاق الآية للكتابيّات بالرواية التي فرضت هذه الآية ناسخة لآية ﴿وَالْمُـحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ﴾، فرجوع إلى السنّة، فلم تصبح الآية مرجّحة أو مرجعاً.
على أنّنا نكاد نطمئنّ بوجود خلل في هذه الرواية، فإنّنا لا نكاد نحتمل إمكان جعل هذه الآية ناسخة لتلك الآية.