وأفاد اُستاذنا الشهيد (رحمه الله): أنّه حصلت عند العقلاء توسّعات في باب الحيازة من جهات شتّى:
فأوّلا ـ حصل عندهم التوسّع من ناحية الحائز، وذلك في باب الإرث، فيُرى ابن الميت مثلا أحقّ بمال أبيه من غيره وكأنـّه وجود امتداديّ لوالده. وهذا هو لبّ المقصود للمحقّق النائيني (رحمه الله)، حيث يقول: إنـّه في باب الإرث يتبدّل طرف الإضافة الذي هو الإنسان لا الطرف الآخر ولا الإضافة(1). فهذا الكلام تحليل عقلائيّ للمطلب، لا تحليل عقليّ وفلسفيّ حتى يرد عليه: أنّ الإضافة تتغيّر حتماً بتغيّر أحد طرفيها.
وثانياً ـ حصل عندهم التوسّع من ناحية المال الذي يحاز. فتلحق به نتائجه وأثماره كريع العقار وأثمار الأشجار.
وثالثاً ـ حصل عندهم التوسّع من ناحية ضمان الغرامة، فيُرى صاحب المال المحاز مستحقّاً لبدله عند إتلاف غيره له إمـّا ضماناً لبدله الأصلي بحسب القانون الأوّلي، كما في من أتلف مال غيره من دون معاملة، أو ضماناً لبدل مسمّى كما في المتلف المقبوض بالمعاملة الفاسدة إذا كان الثمن المسمّى أقلّ من ثمن المثل، فإنّ المتفاهم عرفاً أنّ صاحب المال قد قنع بالضمان بمقدار المسمّى وهدر كرامة ماله بمقدار الزيادة على المسمّى(2). وأمـّا إذا كان الثمن المسمّى أكثر من ثمن المثل فلا يضمن إلّا بمقدار ثمن المثل؛ لأنّ ضمان الباقي كان من أثر المعاملة وكان فرع صحّتها وإمضائها، والمفروض عدم الصحّة.
وألحق (رحمه الله) ببحث التوسّع في الحيازة لدى العقلاء بحثاً عن تأثير موقف الحائز الأوّل في نظر العقلاء على نتائج حيازة الحائز الثاني. وتوضيح ذلك ـ على ما أفاده (رضوان الله تعالى عليه. ـ:
أنّه إذا ملك شخص مالا بالحيازة ثمّ جاءت يد ثانية وحازت ذلك المال، فاليد الاُولى تجعل اليد الثانية مقتضية للضمان، واليد الثانية بنفسها مقتضية لإيجاد الملكيّة لأنّها تحوز، إذن فقد اجتمع في هذه اليد اقتضاءآن: اقتضاء التمليك واقتضاء الضمان، فإن لم يوجد مانع عن فعليّة كلا الاقتضاءين وحصول أثرهما خارجاً، تحقّق الملك والضمان معاً، وإن وجد مانع عن أحدهما فقط تحقّق الآخر فقط، وإن وجد مانع عن كليهما لم يتحقّق شيء منهما.