عنه أحداً من بني هاشم والقوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلّا وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام، والمحلّ الرفيع، والقول الجميل، والتقديم له على أهل بيته ومشايخه وغيرهم، وكلٌّ يقول: هو إمام الرافضة. فعظم قدره عندي; إذ لم أرَ له وليّاً ولا عدوّاً إلّا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه.
فقال له بعض أهل المجلس من الأشعريّين: يا بابكر، فما حال أخيه جعفر؟(1)، فقال: ومن جعفر فيُسأل عن خبره أو يُقرن به؟! إنّ جعفراً معلن بالفسق ماجنٌ شرّيب للخمور، أقلّ من رأيت من الرجال، وأهتكهم لستره بنفسه، فذمٌ(2) خمّار(3)، قليل في نفسه، خفيف.
والله لقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن عليّ ما تعجّبت منه وما ظننت أنّه يكون.
وذلك أنّه لمّا اعتلّ بعث إلى أبي: أنّ ابن الرضا قد اعتلّ، فركب من ساعته مبادراً إلى دار الخلافة، ثمّ رجع مستعجلاً ومعه خمسة نفر من خدم أميرالمؤمنين كلّهم من ثقاته وخاصّته، فمنهم نحرير(4)، وأمرهم
(1) يعني: جعفر الكذّاب.
(2) أي: أبكم.
(3) وفي بعض النسخ: حمار.
(4) وهو كان رائضاً للسباع.