المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / الأعلمية وأثرها في التقليد

25

أمّا هنا فنقول: لو وافق الميت الحيّ في فتواه في البقاء عمل العامي بتلك الفتوى؛ لأنّه اتفقت عليه الأطراف التي لاتخلو من الحجة.

ولو اختلفا فإن كان أحد الرأيين أحوط أخذ العامي به، كما لو كان أحدهما يفتي بالجواز بالمعنى الأخص والآخر بالوجوب، فيأخذ العامي بالوجوب، أو كان الحي يفتي بالجواز المعنى الأخص والميت يفتي بالتحريم، فيعدل إلى الحيّ.

هذا، إن لم ندّع القطع عندئذٍ بعدم حجية رأي الميت في التحريم، والآخر ـ أي الحيّ ـ في الجواز لا معارض له، فيؤخذ به.

وإن تضادّ الرأيان بالوجوب والتحريم اضطرّ العامي أن يأخذ في كلّ مسألةٍ مسألةٍ بأحوط الرأيين، إلا أن يدّعى القطع بعدم حجية رأي الميت في التحريم، فيؤخذ بوجوب البقاء.

الفرع الثالث: ما لو أجاز الحيّ في البقاء من دون قيد منتفٍ في فتوى الميت في البقاء، وقد مضى منا تقسيم هذا الفرع إلى فروض ثلاثة:

الفرض الأول: أن يكون الميت مجوّزاً أيضاً للبقاء في نفس الدائرة التي جوّز الحيّ، وقد قلنا هناك إنّه يثبت للعامي الجواز في تلك الدائرة، وهنا أيضاً نقول بأنّه يثبت له الجواز في تلك الدائرة إلا أنّنا نضيف هنا: أنّه لو كان أحدهما يفتي بالجواز بالمعنى الأخص والآخر بالوجوب إلتزم العامي بالوجوب؛ لأنّه أحوط الرأيين.

والفرض الثاني: أن يكون الميت مجوّزاً في دائرة أوسع من دائرة تجويز الحيّ، وقد قلنا فيما مضى بجواز اتباع العامي للتجويز في الدائرة الأوسع، وهنا أيضاً نسجّل نفس النتيجة، ونضيف إلى ذلك: أنّه لو كان أحدهما يقول بالجواز بالمعنى الأخص والآخر يقول بالوجوب إلتزم العامي بالوجوب؛ لأنّه أحوط الرأيين.

الفرض الثالث: أن يكون الميت محرّماً للبقاء في تمام مساحة تجويز الحيّ أو في جزء منها، وهناك قلنا بأنّه لو كان تحريم الميت للبقاء مشروطاً بشرط لم يوجد في نفس هذه الفتوى أصبحت هذه الفتوى حجة ببركة فتوى الحيّ، وأوجبت حرمة البقاء في موارد وجدان ذاك الشرط، ولو لم يكن مشروطاً بشرط من هذا القبيل فهذه الفتوى لا يمكن أن تكون حجة، ويجوز البقاء في الدائرة التي جوّزه الحيّ فيها.

وهنا نقول في الشق الأول ـ وهو ما لو كان تحريم الميت مشروطاً بشرط لم يوجد في نفس هذه الفتوى ـ: إنّه يأخذ المقلِّد بأحوط الرأيين، وهو التحريم لو كان تجويز الحي تجويزاً بمعنى الإباحة بالمعنى الأعم، أمّا لو كان الحيّ يوجب البقاء والميت يحرّمه فيضطرّ إلى الأخذ بأحوط الرأيين في كلّ مسألة.

وفي الشق الثاني ـ وهو ما لو لم يكن تحريم الميت مشروطاً بشرط لم يوجد في نفس هذه الفتوى ـ: أنّ فتوى الحيّ بالجواز لا مزاحم له، لا من ناحية فتوى الميت بالتحريم؛ لأنّه لا يمكن أن يكون حجة، ولا من ناحية فتاوى الميت في سائر الفروع؛ لأنه لا تضادّ بين حجيتها وحجية فتوى الحيّ بالجواز. إذن فتوى الحيّ بالجواز سارية المفعول.