المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

23

وهذا يعني أنّ ذاك الدليل بنفسه دليل على عدم وجوب الفحص عن الواقع المحتمل القابل للوصول، فالبينة مثلاً حينما تقوم على مالكية شخص لشيء أو اليد مثلاً حينما تدلّ على الملكية أو نحو ذلك تغنينا عن الفحص عن واقع الحال حتى لدى إمكان كشف الواقع، وليس من المحتمل عقلائياً أن يكون إمكان الكشف عن حجة معارضة بالفحص أشد حالاً من إمكان الكشف عن نفس الواقع بالفحص.

إذن فدليل حجية شيء إذا كان مطلقاً بالقياس إلى إمكان الفحص عن الواقع وعدمه يكون مفاده العرفي القطعي أنّ الحجة المعارض لو كان فمنجزيته مشروطة بالوصول الفعلي ما دامت الحجة الاُخرى واصلة بالفعل لا بمجرّد إمكانية الوصول بالفحص، وبه يرتفع التعارض بين الحجتين حينما تكون إحدى الحجتين المتنافيتين واصلة بالفعل والاُخرى غير واصلة لا تفصيلاً ولا إجمالاً ولو لعدم الفحص.

وإن شئت فعبّر عن ذلك: بأنّ حجية الفتاوى مثلاً المعارضة قبل معرفة التعارض بينهما تخييرية.

ولعلّ هذه النكتة العرفية الوجدانية هي التي كانت تجعل السيد الشاهرودي رحمه الله يحسّ بأنّ دليل التقليد كدليل الوضوء أو التيمم مطلق بدلي.

وإن شئت فأدخل عدم وجوب الفحص عن المعارض في نفس مفهوم الحجة، وسمّ الإطلاق عندئذٍ بالشمولي، وقل إنّ جميع الفتاوى حجة بالفعل، ولكن لا يقع التعارض بينها في الحجية إلا بالعلم الفعلي بالتنافي تفصيلاً أو إجمالاً.