المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

55

إنّ المستَظَهر من الآية هو: أنّ الخلافة للبشرية، وما آدم إلّا مثال لها، ويشهد لهذا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ...﴾(1)، فهذا شاهد على أنّ السجود للبشرية، كما يشهد له قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنَّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدَّمَاءَ﴾؛ إذ إنّ آدم لم يُفْسِد، ولم يَسْفِك دماً، وهو أشرف وأجلّ من ذلك، وإنّما البشرية هي التي تُفْسِد وتَسْفِك الدماء، فهذا شاهد آخر على أنّ الخلافة للبشرية، وليست لآدم فحسب.

فالبشرية بما هي بشرية هي الخليفة، ولكن ما معنى خلافة البشرية؟

فهل تعني: أنّ البشرية هي التي تحكم جميعاً كشورى، حتّى يصدق أنّ البشرية هي الخليفة؟

أو أنّه لا يشترط في صدق معنى خلافة البشرية أن يكون الحكم بيدها شورى، بل تصدق الخلافة للبشرية حينما نفترض أنّ البشرية جميعاً تقوم بالوظيفة من خلال تقسيم العمل، بحيث تُوزّع بينهم، فأحدهم مثلاً وظيفته الحكم، وهو المعصوم أو نائبه، وآخر وظيفته


(1) الأعراف: 11.