المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

49

وبناءً على هذا الفهم، فما معنى قوله تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللّٰهُ النَّبِيَّينَ مُبَشَّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾؟

هل يعني ذلك: أنّ فترة ما قبل نوح(عليه السلام) كانت خالية من أيّ دين؟ وأنّ نوحاً كان أوّل نبيّ يُبْعَث؟

والجواب هو: أنّ هذه الآية المباركة غير ناظرة إلى الأنبياء الذين بُعِثوا أوّل الزمان، وإنّما هي ناظرة إلى القسم الثاني من الأنبياء، فالأنبياء الذين بُعِثوا هم على قسمين:

القسم الأوّل: _ وهم من لدن آدم(عليه السلام) إلى ما قبل نوح(عليه السلام) _ هم الذين بُعِثوا لكي يكونوا شهداء، ولم تكن وظيفتهم الحكم، وإنّما كانت تبليغَ الرسالة والشهادة على الأُمّة فقط، وأمّا الخلافة فقد كانت بيد الناس أنفسهم. وقد سمّى أُستاذنا(قدس سره) هذه الفترة الزمنية بـ (دور الوحدة).

القسم الثاني: هم الذين بُعِثوا بعد ذلك؛ إذ اختلف الناس فيما بينهم، وبغى بعضهم على بعض، وسادت _ على حدّ تعبير أُستاذنا(قدس سره) _ مُثل عليا مادية غير المثُل العليا التي تؤثّر في تكامل الإنسان، فانتقلت الخلافة عندئذٍ إلى النبي، على الرغم من أنّها مبدئيّاً للأُمّة، فأصبح النبي هو الخليفة فعلاً، وقد بدأ هذا بفترة نوح(عليه السلام)، والآية تشير إلى ذلك، فأصبح النبي حاكماً إلى جانب كونه شاهداً، وأصبح دوره