دون أن يشرّع لهم ليهديهم، بل من المفروض أن يهديهم برحمته، ويبيّن لهم طريق الرشاد بلطفه.
ثانياً: توجد بعض الآيات القرآنية التي تشير إلى ما نقول، أي: إلى وجود الدين قبل نوح(عليه السلام)، كما يبدو في قصّة آدم(عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعَاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنَّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾(1)، فإنّ هذا خطاب لآدم وحوّاء وإبليس حينما هبطوا، فقال لهم: سيأتينّكم هدىً، فمن تبع هدايَ، فحينئذٍ لا خوف عليهم، ولا هم يحزنون.
كما أنّنا حينما نراجع قصّة نوح نرى أنّ أوّل آية من سورة نوح(عليه السلام) تقول: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحَاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(2)، فلو ضممنا هذه الآية إلى الآية التي تقول: ﴿... وَمَا كُنَّا مُعَذَّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾(3)، لنتج أنّ هناك نبيّاً كان قبل نوح، وأنّ هناك ديناً سماويّاً قبله؛ إذ لو لم يكن هناك نبيّ قبله، ولم يكن هناك دين قبله، لما استحقّ قوم نوح العذاب كما تدلّ عليه الآية
(1) البقرة: 38.
(2) نوح: 1.
(3) الإسراء: 15.