إنّ وزانها هو وزان آية أُخرى، وهي قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾، فهذه الآية ظاهرة في نفي الوحدة بالنسبة إلى الزمان الحاضر، كما أنّ قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللّٰهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِن وَلِيَّ وَلَا نَصِيرٍ﴾(1) يشعر أيضاً بأنّ الناس غير متوحّدين بالفعل.
وعلى كلّ حال، فإنّ تفسير العلّامة الطباطبائي(رحمه الله) هذا بعيد، وفيه نوع تكلّف؛ إذ إنّ افتراض أنّ الآية تشير إلى نمطين من الخلافات هو خلاف سياق الآية المباركة، وإنّ الذي يبدو هو: أنّ هناك اختلافاً واحداً فقط، وكما أنّه اختلاف في القضايا المعاشية هو اختلاف في الدين، وفي كلّ شيء.
هذا، إضافة إلى أنّ الدين لم يكن قد بدأ أوّل ما بدأ بعهد نوح(عليه السلام)، وإنّما هو موجود من لدن آدم(عليه السلام)، وأنّ الاختلاف يشمل مساحة الدين أيضاً؛ وذلك لأنّه:
أوّلاً: يحكم العقل بأنّ اللّه تعالى الذي خلق البشر لا يمكن أن يهملهم
(1) الشورى: 8.