المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

38

بقطع النظر عمّا إذا كان هناك بشر قبل آدم أم لا _ ولذا قد سمّى أُستاذنا(قدس سره) جنّة آدم بـ (دار الحضانة)؛ باعتبار أنّ آدم(عليه السلام) لم يمرّ بمرحلة الطفولة ودور الاحتضان، ولم ينشأ في جوّ أُسريّ ليبلغ رشده فيه، فيتمكّن من الاستقلال ومواجهة مشاكل الحياة؛ ولذا فإنّه كان بحاجة إلى هذه الدار الاستثنائية؛ لتتمّ فيها تنميته وتربيته وتوعيته. أمّا إبليس فقد كان على عكس آدم(عليه السلام)، فقد مرّ إبليس بتجارب طويلة الأمد؛ إذ إنّ مجتمع الجنّ قد خُلِقَ قبل مجتمع البشر بما يعلمه اللّه تعالى من السنين، فأصبحت لديهم تجارب اجتماعية وخبرات حياتية؛ ولذلك قد صَدَّقَ آدم(عليه السلام) إبليس عندما جاءه وأوحى إليه أنّ اللّه تبارك وتعالى إنّما نهاه عن الأكل من هذه الشجرة بسبب وجود مقام لا يراه اللّه مناسباً له، وهو مقام الخلود في الجنّة، وأنّ الأكل من هذه الشجرة يستلزم الوصول إلى ذلك المقام والارتقاء إلى تلك الدرجة، قال تعالى: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾(2)، وقال تعالى: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾(1).


(1) الأعراف: 20.

(2) طه: 120.