المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

23

دور الحضانة

ولا نقصد به حضانة شخص أو فرد؛ لأنّ كلّاً مِنّا قد مَرَّ بدور حضانةٍ حينما كان طفلاً لا يعقل ولا يعي، فكان أبواه يحتضنانه، وإنّما نقصد به حضانة البشر بوصفهم بشر.

وهنا يرى أُستاذنا(قدس سره) _ بحسب ما يُفهم من عباراته_ أنّ قصّة آدم وحوّاء من هذا القبيل، أي: هو دور حضانة البشرية، وليس من قبيل حضانة الفرد. فيبدو من الآيات أنّ آدم وحوّاء كانا يدركان ويعيان؛ ولذلك قد وُجِّه إليهما التكليف؛ لأنّ غير الواعي _ كالطفل مثلاً _ لا يعقل تكليفه؛ ولذلك أيضاً تمكّن آدم من أن يكون أشرف من الملائكة، واستطاع أن يتعلّم الأسماء ويعرفها، فلو لم يكن آدم واعياً مدركاً، لما استطاع ذلك؛ ولهذا فإنّ دوره ليس دور حضانة فرد، وإنّما أسميناه بـ (دور الحضانة) قياساً إلى تاريخ البشرية، فهو دور حضانة البشر على وجه هذه الأرض.

ويشهد لذلك _ أي: لكون دور الحضانة دوراً تاريخيّاً أرضيّاً_ أنّه يستفاد من بعض الآيات أنّ الجنّة التي دخلها آدم وحوّاء لم تكن هي جنّة الآخرة، وإنّما كانت جنّة دنيوية (أرضية)، وذلك كقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنَّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا