وهيّأ له كلّ ما يحتاجه في عملية الرمي من إمكانات وأشياء وقدرات، وبذلك أصبح قادراً على أن يرمي.
فالمقصود من الآية إذاً ليس هو النفي الحقيقي للفعل عن الإنسان وسلب الرمي عنه؛ فإنّ هذا لا يصحّ حتّى على مبدأ القائلين بالجبر.
الرابعة: ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في دعاء كميل: حيث قال(عليه السلام): «إِلهِي وَمَوْلاي، أجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْمَاً اتّبَعْتُ فِيهِ هَوى نَفْسِي وَلَمْ أحتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيِيْنِ عَدُوَّي، فَغَرَّنِي بِما أهْوى وأسْعَدَهُ عَلى ذَلِك الْقَضَاءُ، فَتَجَاوَزْتُ بِمَا جَرَى عَلَيَّ مِنْ ذَلِك بَعْضَ حُدُوْدِكَ، وَخَالَفْتُ بَعْضَ أَوَامِرِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَيَّ فِي جَمِيْعِ ذَلِكَ، وَلا حُجَّةَ لِي فيمَا جَرَى عَلَيَّ فِيهِ قَضَاؤُكَ وَاَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَبَلاؤُكَ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ يَا إِلهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَإِسْرَافِي عَلى نَفْسِي مُعْتَذِرَاً نَادِمَاً مُنْكَسِرَاً مُسْتَقِيلاً مُسْتَغْفِرَاً مُنِيبَاً مُقِرَّاً مُذْعِنَاً مُعْتَرِفَاً...».
والمعنى هو: أنّ الشيطان _ عدوّ الإنسان_ قد زيّن لي ما تهواه نفسي، وغرّني به، فاتّبعته يا إلهي، وعصيتك، وكان القضاء والقدر قد ساعد الشيطان في ذلك، فصدر عنّي ما صدر من تجاوز ومخالفة، فأجريت عليَّ يا مولاي ما يقتضيه اتّباع الهوى من حكم وقضاء ألزمتني به، وليس لي من حجّة عليك فيما أجريت عليَّ من حكم