المولفات

المؤلفات > أدوار حياة الإنسان في القرآن الکريم

111

من الحيويّة والرزق لا يعطيان للآخرين. وبهذا الشكل نتصوّر معنى الآية السابقة.

وتأييداً لهذا التصوّر الذي ذكرناه عن عالم البرزخ نذكر كلاماً لأبي ذر الغفاري، ذلك الصحابي الجليل الذي لابدّ أن يكون قد أخذ تصوّره عن الرسول(صلى الله عليه وآله) حيث قال: «يا مبتغي العلم، لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم كضيف بتّ فيهم، ثم غدوت عنهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزل تحوّلتَ منه إلى غيره، وما بين الموت والبعث إلّا كنومة نمتها، ثم استيقظت منها...»(1).

إنّ الإنسان في ساعة الموت (ساعة الاحتضار)، يَحُسُّ بأنّ وقته قد انتهى، وأنّه سيرتحل في تلك الساعة، فإذا ما نظر إلى سنوات عمره التي عاشها حتّى لو فرضنا أنّها كانت آلافاً، فإنّه يراها كأنّها طرفة عين انتهت، وكأنّها يوم انتهى أو بعض يومٍ مضى، وكأنّه كان ضيفاً في بيت وهو الآن يرتحل إلى محلّه الذي هُيّئ له.

«وما بين الموت والبعث...»، هذا هو الشاهد، و (ما) هنا نافية، والمعنى: أنّه ليس بين الموت والبعث إلّا كنومةٍ نمتها، ثم استيقظت منها.


(1) الكافي، ج2، ص134، باب ذمّ الدنيا والزهد فيها من کتاب الإیمان والکفر، ح18.