المولفات

المؤلفات > البيع

97

التفسير الثاني: أن يكون المراد بالخراج مطلق المنافع، والمراد بالضمان مطلق الضمان سواءً كان اختياريّاً مترتّباً على العقود الصحيحة أو الفاسدة، أو غير اختياري كالضمان المترتّب على الغصب، وهذا المعنى ينطبق على مسلك أبي حنيفة حيث قال: إنّ كلّ من يضمن مالاً ولو غصباً فالمنافع له(1).


(1) الظاهر أنّ نظر أبي حنيفة المروي في صحيحة أبي ولّاد كان ناشئاً من رأيه هذا، وهي رواية طريفة أنقلها هنا عن الكافي، ج5، ص290، باب الرجل يكتري الدابّة فيجاوز بها الحدّ أو يردّها قبل الانتهاء إلى الحدّ، ح6. فقد روی الكليني عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي ولّاد الحنّاط قال: «اكتريت بغلاً إلى قصر ابن هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلمّا صرت قرب قنطرة الكوفة خُبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى النيل، فتوجّهت نحو النيل، فلمّا أتيت النيل خبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى بغداد، فاتّبعته وظفرت به، وفرغت ممّا بيني وبينه، ورجعنا إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوماً، فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلّل منه ممّا صنعت وأُرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهماً، فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة، فأخبرته بالقصّة وأخبره الرجل، فقال لي: وما صنعت بالبغل؟ قلت: قد دفعته إليه سليماً قال: نعم بعد خمسة عشر يوماً. فقال: ما تريد من الرجل؟ قال: أُريد كراء بغلي فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوماً. فقال: ما أرى لك حقّاً؛ لأنّه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل وسقط الكراء، فلمّا ردّ البغل سليماً وقبضته لم يلزمه الكراء. قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته ممّا أفتى به أبو حنيفة، فأعطيته شيئاً وتحلّلت منه، فحججت تلك السنة، فأخبرت أبا عبدالله(عليه السلام) بما أفتى به أبو حنيفة. فقال: في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها. قال: فقلت لأبي عبدالله(عليه السلام): فما ترى أنت؟

قال: أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل ومثل كراء بغل راكباً من النيل إلى بغداد ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفّيه إياه. قال: فقلت: جعلت فداك إنّي قد علفته بدراهم فلي عليه علفه؟ فقال: لا؛ لأنّك غاصب. فقلت: أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني؟ قال: نعم، قيمة بغل يوم خالفته. قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز؟ فقال: عليك قيمة ما بين ←