المولفات

المؤلفات > البيع

86

إن وجب ردّ العوض فكيف لا يجب ردّ نفس المبيع مع وجوده؟! ولم نستطع التعدّي من ذلك إلى مورد ما لا يضمن بصحيحه كالهبة؛ لأنّه لم يكن يجب في ذاك المورد ردّ العوض لدى التلف ولا الإتلاف؛ لأنّ الواهب قد أسقط احترام مال نفسه فإثبات وجوب الردّ لدى وجود العين الموهوبة بحاجة إلى استئناف بحث جديد، وبدونه يبقى احتمال أنّه لا يجب شيء عدا التخلية بين العين الموهوبة ومالكها.

وقد استشهد الشيخ رحمه الله(1) لوجوب الردّ في البيع الفاسد بحديثين:

الأوّل: حديث الإمام صاحب الزمان(عجل الله تعالى فرجه الشريف): «لا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه»(2) بناء على أنّ الإمساك يعدّ تصرّفاً.

والثاني: صحيح زيد الشحّام(3) وموثّق سماعة(4) عن أبي عبدالله عليه السلام عن رسول الله(صل الله عليه وآله): «من كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، فإنّه لا يحلّ دم امرئ مسلم ولا ماله إلّا بطيبة نفسه»، فحتّى لو قلنا: إنّ الإمساك لا يعدّ تصرّفاً فعلى الأقل هو داخل تحت إطلاق «لا يحلّ مال امرئ مسلم»؛ لأنّه حرّم بإطلاقه جميع الأفعال المتعلّقة به التي منها كونه في يده.

ولا يتوهّم أنّ هذا كان بإذنه؛ لأنّه دفعه إليه باختياره، فإنّ هذا الدفع كان بعنوان تمليكه إيّاه بعوض، ولم يسلّم له العوض، والتمليك المجّاني لم يصدر منه.

واستشكل السيّد اليزدي رحمه الله في صورة علم الدافع بالفساد في حرمة التصرّف على ما نقله في التنقيح(5) عن حاشيته على المكاسب بوجود الإذن الضمني في التصرّف؛ فإنّ المالك في ضمن تمليكه قد أذن للقابض في التصرّف. ودعوى أنّ الإذن مقيّد


(1) کتاب المكاسب، ج3، ص199 _ 200.

(2) وسائل الشيعة، ج25، ص386، الباب الأوّل من کتاب الغصب، ح4.

(3) المصدر السابق، ج29، ص10، الباب الأوّل من أبواب القصاص، ح1.

(4) المصدر السابق، ج5، ص120، الباب3 من أبواب مكان المصلّي، ح1.

(5) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج36، ص249 _ 250