المولفات

المؤلفات > البيع

68

وفي الفرض الثاني يصحّ البيع ولكن للموجب أن يتراجع عن إيجابه؛ لأنّ القابل لم يعط التزاماً بالشرط وله أن يصبر بأمل أن يعمل القابل في وقته بالشرط، فإن عمل به لم يبق للموجب الخيار، وإن لم يعمل به بقي له خيار تخلّف الشرط.

أن يقع إيجاب العقد وقبوله في حال يجوز لكلّ واحد منهما الإنشاء

قد جعل الشيخ الأعظم رحمه الله ذلك شرطاً من شروط العقد، فلو كان أحدهما فاقداً لإمكانية التخاطب لدى إنشاء الآخر _ لموت أو جنون أو إغماء أو نوم _ أو فاقداً لصحّة تخاطبه شرعاً لحجر _ بفَلْس أو سفه أو رقّ أو مرض موت أو فقد رضا _ فقد بطل البيع؛ إمّا لعدم تمامية التخاطب وعدم اجتماع الالتزامين المفروض ربط أحدهما بالآخر كما هو الحال في فقدان إمكانية التخاطب تكويناً، أو لعدم اعتبار ذلك شرعاً كما هو الحال في بطلان التخاطب شرعاً(1).

أقول: إنّ إرجاع هذا الكلام إلى كلام فنّي يكون بحاجة إلى عدد من التهذيبات:

فأوّلاً: يجب حذف بعض الأمثلة من قبيل جعل الجنون مثالاً لعدم إمكانية التخاطب، فإنّ خطاب المجنون في العديد من الموارد وعقد الالتزام منهم أمر ممكن، وإنّما العيب عدم اعتبار ذلك شرعاً.

وثانياً: إنّ مثال شرط الرضا بعنوان شرط الصحّة الشرعية وإن كان صحيحاً بمعنى أنّ الأثر الشرعي للمعاملة لا يترتّب إلّا مع الرضا، ولكن كونه شرطاً لصحّة الإنشاءين غير معلوم، فيمكن افتراض صحّة الإنشاءين بمعنى إمكانية لحوق الإجازة بذلك إن لم يكن أحدهما راضياً حين المعاملة، كما هو الحال في مسألة رضا المالك الذي هو شرط لترتّب الأثر على عقد الفضولي، ولكنّه ليس شرطاً لصحّة إنشاء الفضولي، فيبقى إنشاء الفضولي بما هو إنشاء صحيحاً بمعنى قابلية لحوق


(1) المصدر السابق، ص177 _ 178.