المولفات

المؤلفات > البيع

480

ثابت بالوجدان والثاني عدم التلف وهو ثابت بالاستصحاب في غير محلّه؛ لأنّ مفهوم البيع الحقيقي ومقوّمه عرفاً عبارة عن التبديل بعوض، ومع تلف المبيع لا يتصوّر تبديله في مقابل العوض، فوجود المبيع مقوّم للمبادلة والبيع عرفاً وقبل حكم الشرع، فينتهي الأمر على كلّ حال إلى استصحاب عدم البيع وبقاء الثمن في ملك المشتري، كما أفاده الشيخ الأنصاري.

والوجه الثاني: هو التمسّك بأصالة الصحّة؛ إذ بذلك تثبت صحّة البيع، فقد ذكر الشيخ رحمه الله: أنّه قد يتوهّم جريان أصالة صحّة البيع هنا؛ للشكّ في بعض شروطه وهو وجود المبيع(1).

وكأنّه فهم الشيخ رحمه الله من أصالة الصحّة في المقام أصالة حمل فعل المسلم على المحمل الحسن، ولهذا أورد على ذلك بأنّ البائع قد يكون إنّما باعه هذه العين جهلاً منه بحصول التلف، فصحيح أنّ بيع التالف باطل وإنشاءه باللفظ لغو، ولكن هذا إنّما يكون قبيحاً من البائع لو كان عالماً بذلك، أمّا مع الجهل فليس فعله قبيحاً، فأصالة حُسن ما صدر من البائع لا تثبت صحّة البيع(2).

وقال رحمه الله في مقام الردّ على أصالة الصحّة: إنّ صحّة العقد عبارة عن كونه بحيث يترتّب عليه الأثر شرعاً، فإذا فرضنا أنّه عقد على شيء معدوم في الواقع فلا تأثير له عقلاً في تمليك العين؛ لأنّ تمليك المعدوم _ لا على قصد تمليكه عند الوجود ولا على قصد تمليك بدله مِثلاً أو قيمته _ غير معقول(3).


(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص446 _ 447.

(2) کتاب المکاسب، ج4،‌ص284.

(3) المصدر السابق. وكأنّ مقصوده بقوله: «لا على قصد تمليكه عند الوجود» دفع نقض قد يورَد عليه، وهو أنّه لو كان تمليك المعدوم غير معقول فكيف يصحّح بيع ثمار الشجرة قبل وجودها؟! فيجيب عليه بأنّ بيع ثمار الشجرة عبارة عن بيع الوجود المتأخّر، فمن الآن يملّك المشتري ذاك الوجود المتأخّر، ولا يملّكه المعدوم. ←