المولفات

المؤلفات > البيع

47

نعم، لو كانت المعاطاة نكاحاً في ارتكاز العقلاء ونظرهم لتمّ الإطلاق المقامي في الأوامر الواردة في الشريعة بالنكاح.

ولكنّنا وضّحنا في المقام الأوّل أنّ سيرة عقلائية من هذا القبيل غير موجودة، بل سيرتهم على العكس حتّى في أشدّ المجتمعات المتفسّخة.

3_ ﴿حُرَّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالٰاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ... وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ...﴾(1).

وهذه الآية فرقها عن الآيتين السابقتين هو أنّها ليست بصيغة الأمر بالنكاح، بل بصيغة تحليله.

فربّما يتوهّم أنّ نسبتها إلى أقسام النكاح كنسبة ﴿أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ﴾ إلى أقسام البيع.

ولكن من الواضح أنّ هذه الآية إنّما هي بصدد بيان حرمة أقسام النساء المحرّمات وتحليل غيرهنّ، فإطلاقها الحكمي إنّما يتمّ في دائرة أقسام النساء، لا في دائرة أنواع كيفية النكاح.

نعم، هنا أيضاً نقول: لو كانت المعاطاة في النكاح أمراً عقلائيّاً لتمّ الإطلاق المقامي للآية في المقام، ولكن قد وضّحنا عدم عقلائيّته.

وهنا ينبغي إلفات النظر إلى نكتة وهي أنّ عدم ثبوت السيرة والارتكاز العقلائيين على صحّة المعاطاة في النكاح كافٍ في كسر الإطلاق المقامي؛ لأنّ عدم سيرة أو ارتكاز من هذا القبيل يكفي في عدم تورّط الأُمّة في الخطأ من جرّاء عدم ذكر القيد في مثل الأمر بالنكاح، فلا حاجة إلى كون المولى في مقام دفع التوهّم، ولكن ذلك لا يكفي لكسر الإطلاق الحكمي، بل لابدّ من ثبوت السيرة أو الارتكاز على عدم صحّة المعاطاة كي ينكسر بذلك الإطلاق، وقد وضّحنا ثبوت السيرة والارتكاز على ذلك.

وأمّا السنّة: فهي الروايات التي تكون فوق الإحصاء في فضل النكاح من قبيل:


(1) النساء: 22 _ 23.