أقول: إنّ القرينة على عدم تمامية الوقف لعدم تمامية القبض _ بدليل أمر الإمام ببيع حصّته مع أنّه عليه السلام لم يكن داخلاً في الاختلاف _ مخصوصة بحصّة الإمام(عليه السلام)، فلا موجب لإسراء القرينة إلى الموقوف عليهم الآخرين.
وأمّا أنّ حكم الإمام عليه السلام ببيعه لم يكن إذناً له أو أمراً بالولاية؛ إذ الواقف بعد تمام الوقف يكون أجنبيّاً فلا وجه لإحالة البيع إليه؛ فكلام غريب؛ فإنّ هذا إذن له أو أمرٌ له بالولاية حتّى لو لم يكن قد تمّ الوقف ولم تصبح حصّة الإمام للإمام.
وأمّا أنّ دفع ثمن الوقف إلى الموجودين من الموقوف عليهم بحسب حصصهم يكون خلاف قانون المبادلة لأنّ الثمن سيصبح ملكاً غير طلق كالمثمن، فجوابه أنّه إمّا أن يصبح ذلك قرينة على أنّ الموقوف عليهم كانوا هم الأحياء فحسب بناء على صحّة الوقف المنقطع الآخر أو يكون ذلك حكماً تعبّديّاً بطلقية الثمن.
الأمر الثاني: أنّه لو سلّمنا تمامية الوقف فلا يمكن الأخذ بمفادها في الصورة السابعة وما بعدها؛ لأنّ وجود الاختلاف بين الموقوف عليهم لا موضوعية له أصلاً، بل المناط هو تلف الأموال والأنفس، والاختلاف طريق محض، فلو كان بقاء الوقف على حاله موجباً لتلف الأموال والنفوس ولو لم يكن من جهة الاختلاف بين الموقوف عليهم لكان بيعه جائزاً. وهذا ممّا لا يمكن أن ينسب إلى العلماء(قدس سره)(1).
أمّا ما ذكره بعض من أنّه حتّى لو لم تكن في المقام رواية كنّا نقول بجواز بيع الوقف فيما لو كان عدم البيع موجباً للانجرار إلى التشاجر المنتهي إلى تلف الأموال والنفوس؛ لأنّ حفظ الأموال والنفوس من التلف أهمّ في نظر الشارع من عدم جواز بيع الوقف فجوابه: أنّ التزاحم إنّما هو في مقام امتثال الأحكام التكليفية، ومنشأه عجز المكلّف من الإتيان بكلّ من التكليفين في مرحلة الامتثال، وهذا لا دخل له بالأحكام الوضعية، فلو قلنا بسقوط حرمة التصرّف في الوقف بالتزاحم لم يوجب ذلك جعل
(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص302.