المولفات

المؤلفات > البيع

35

البيع الثاني مرتبط بالبيع الأوّل أو غير مرتبط به، وتؤكّد ذلك وضوحاً وجلاءً أخبار العينة الأُخرى التي ذكرناها.

ورغم ذلك قد ذكر صاحب الوسائل رحمه الله في ذيل رواية «إنّما يحلّ الكلام ويحرّم الكلام» أنّ: «فيه دلالة على عدم انعقاد البيع بغير صيغة، فلا يكون بيع المعاطاة معتبراً، فتدبّر»(1).

أقول: لو أردنا أن ننسج على هذا النسق أمكن أن يقال: إنّ روايات «إنّما يحرّم الكلام» أيضاً تدلّ على عدم انعقاد البيع بغير صيغة؛ فإنّ هذه تعني أنّ صيغة البيع إن أدرج فيها أنّ للبذر ثلثاً وللبقر ثلثاً بطل البيع، فأصل أنّ البيع لابدّ له من صيغة فُرِض مفروغاً عنه.

والواقع عدم تمامية دلالة هذه الروايات على بطلان المعاطاة سواء رواية خالد بن الحجّاج (أو نجيح) أو روايات «إنّما يحرّم الكلام».

أمّا الأُولى فلوضوح أنّ المعاطاة لا دلالة فيها في باب العينة على أنّ البيع الأوّل قد أوجب على الطرفين البيع الثاني، وإنّما هذه الدلالة تكون بمقاولة كلامية تسبق البيعين، فتلك المقاولة الكلامية المبنيّ عليها البيعان هي التي تحلّل أو تحرّم، أمّا أنّ البيعين هل هما بالصيغة أو بالكتابة والتسجيل أو بالمعاطاة فالرواية أجنبية عن ذلك تماماً.

وأمّا رواية «إنّما يحرّم الكلام» فأيضاً إنّما تنظر إلى المقاولة التي هي بطبيعة الحال كلام يعيّن البناء على كون ثلث للبذر وثلث للبقر، والمعاطاة لا دلالة فيها على ذلك، وهي أيضاً أجنبية عن أنّ البيع الذي يقع مبنيّاً على هذه المقاولة هل هو بالصيغة أو بالكتابة والتسجيل أو بالمعاطاة.

فإن قلت: إنّنا لا يهمّنا مورد الحديث في «إنّما يحلّ الكلام ويحرّم الكلام» فإنّ


(1) المصدر السابق، ج18، ص50، الباب8 من أبواب أحكام العقود، تحت الخطّ.