المولفات

المؤلفات > البيع

345

فإنّ الواقف قد أنشأ ملكية كلّ البطون بطناً بعد بطن منذ البدء، والشريعة أمضت ذلك، وهذا يعني أنّ البطن المعدوم يكون محكوماً من الآن بآثار ملكيّته في حينه وكذلك البطن المتأخّر الموجود في زمان البطن الأوّل محكوم من الآن بآثار ملكيّته في حين موت البطن الأوّل، أو قل: إنّ اعتبار الملكية في المقطع الزماني المتأخّر ثابت من الآن، ولا يصغى _ في زماننا الحاضر الذي اتّضح فيه معنى الملكية وأنّها ليست إلّا أمراً اعتباريّاً _ إلى القول بأنّ المعدوم لا يملك أو أنّ البطن المتأخّر لا يملك(1).

والخلاصة: أنّ تعلّق الحقّ المانع عن بيع السابق نافذ المفعول من الآن، وإن شئت فسمّ هذا بالملكية الشأنية إلّا أنّهم لا يستطيعون الآن الترخيص في البيع، فيأتي دور حاكم الشرع، فلا أقلّ من الاحتياط بإذن حاكم الشرع إن لم نفت صريحاً بذلك.

الفرع الخامس: لو كان الواقف قد جعل ناظراً على الوقف ثم طرأ المجوّز للتبديل فأُبدِل الوقف بعین أُخرى فهل يبقى الناظر ناظراً على بدل الوقف أو تسقط نظارته، فبالنسبة للبدل يكون حاله حال ما إذا لم يكن الواقف قد عيّن ناظراً للوقف؟

أفاد الشيخ الأنصاري رحمه الله في المقام: «الظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف. ويحتمل بقاؤه؛ لتعلّق حقّه بالعين الموقوفة، فيتعلّق ببدلها»(2).

أقول: أمّا الوجه الذي ذكره للاحتمال الثاني فيبدو أنّه ضعيف عند الشيخ رحمه الله؛ إذ قال: «الظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف» ووجه ضعفه واضح؛ لأنّ معنى


(1) وقد أفاد السيّد الخوئي(رحمه الله) عدم استحالة كون المعدوم مالكاً، وإنّما قال بعدم مالكيّته في المقام من جهة عدم شمول إنشاء الواقف وتمليكه لهم مع وجود البطن الموجود، كما صرّح(رحمه الله) بذلك في التنقيح، موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص282، ولكنّي لا أدري لماذا يفترض(رحمه الله) _ بعد إمكان مالكية المعدوم _ أنّ الواقف الذي جعل ما وقفه للبطون بطناً بعد بطن أنّه لم ينشئ ولم يعتبر ملكيّتهم المتأخّرة من الآن، بمعنى تقدّم الاعتبار وتأخّر المعتبر؟

(2) کتاب المكاسب، ج4، ص69.