المولفات

المؤلفات > البيع

321

أنّ محمد بن الحسن الصفّار رحمه الله كان المرتكز في ذهنه أنّ الوقف يجب أن يكون للتأبيد، فقال ما مفاده: «روي لنا أنّ الوقف إذا كان غير مؤقّت فهو باطل مردود على الورثة»، والظاهر أنّه رحمه الله كان قد فهم من المؤقّت ما فيه نوع من التأبيد أي: أُبّد في الوقت، ومن غير المؤقّت ما لم يؤبّد فيه في الوقت، وكان شكّه في طريقة التأبيد وعدمه، ولهذا تراه فسّر التأبيد وعدم التأبيد بأُسلوبين:

الأوّل: ما قاله قوم: إنّ المؤقّت هو الذي يذكر فيه أنّه وقف على فلان وعقبه، فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث قوم الله الأرض ومن عليها.

والثاني: ما قاله قوم آخرون وهو أنّه يكفي للتأبيد أو قل: للتوقيت أن يذكر لفلان وعقبه ما بقوا ولو لم يذكر تتمّة الكلام أعني: قوله: «فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها»، أمّا غير المؤقّت أو قل: غير الدائم فهو الذي لم يذكر فيه أحداً واكتفى بقوله: «هذا وقف» فلم يثبّت فيه تأبيداً حتّى بمقدار فلان وعقبه، ولا يفهم من مجرّد: «هذا وقف» أنّه وقف على مَن؟ وأنّ الموقوف عليه له دوام ولو بمقدار فلان وعقبه أو لا؟ فأجاب الإمام عليه السلام بقوله: «الوقوف بحسب ما يوقفها» فهو عليه السلام أمضى ضمناً بعدم الردع مرتكز الصفّار رحمه الله في اشتراط الدوام، وأرجع نمط الدوام إلى ما يقفها الواقف، ومن الواضح أنّ بيع الوقف يخالف الدوام.

إلّا أنّ هناك فهماً آخر لهذا الحديث، وهو تردّد الصفّار في معنى التوقيت الذي بلغته رواية باشتراطه في الوقف هل هو الدوام، أي: يقال فيه: إنّه وقف على فلان وعقبه فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، أو هو تعيين الموقوف عليه. وهذا _ كما ترى _ مطلب أجنبيّ عمّا نحن فيه، فليس حال هذه الرواية إلّا حال باقي روايات: «الوقوف حسب ما يقفها أهلها».