المولفات

المؤلفات > البيع

242

العدالة في القيّم بوجه، وذلك لأنّ الثقة أخصّ من العدالة، ومعناها من يؤمن به في جميع أفعاله وأخلاقه ودينه، ومنه ثقة الإسلام لقب الكليني(قدس سره)، وأمّا إطلاق الثقة في اصطلاح الرجاليّين على من لا يكذب في الحديث فقط وإن كان فاسقاً في حدّ نفسه أو كان كافراً مثلاً فهو اصطلاح خاصّ للرجاليّين، وإنّما اصطلحوا بذلك لأنّه مشغلتهم، حيث إنّ شغلهم التفتيش عن صدق الرواة وكذبهم في الخبر، وأمّا الثقة على نحو الإطلاق كما وقع في الحديث فهي عبارة عمّن يؤمن به في جميع الأُمور على نحو الإطلاق، وهو أرقى من العدالة وأخصّ منها، كما لا يخفى»(1).

أقول: لا إشكال في أنّ لقب «ثقة الإسلام» للكليني رحمه الله يعطي معنى الوثاقة في كلّ شيء ممّا هو أرقى من العدالة _ كما أفاده السيّد الخوئي رحمه الله _ ولكن أين هذا من قوله في هذه الرواية: «إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كلّه فلا بأس» إذ من الواضح أنّ كلمة الثقة هنا لا تعطي معنى أكثر من كونه ثقة في المقاسمة.

وعلى أيّ حال فلا إشكال في أنّ مقتضى الاحتياط اختيار العدل دون مطلق الموثوق.

ولكن لا يبعد كون الأقوى كفاية الوثوق بناء على ما نقّحناه في علم الأُصول من عدم الإيمان بمفهوم القضية الشرطية على مستوى السلب الكلّي وأنّه لا يثبت بها أكثر من السلب الجزئي، فما دلّ على شرط العدالة يأتي فيه احتمال أنّه إنّما ذكر العَدل بنكتة أنّ من عُرفت عدالته وثقوا بأمانته في البيع والشراء، بخلاف من كان فاسقاً. إذاً فالدليل الدالّ على كفاية الوثاقة يكون أقوى دلالة من دليل شرط العدالة.


(1) موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج37، ص180 _ 181.