المولفات

المؤلفات > البيع

211

ولكنّه رحمه الله ذكر في بحثه الثاني: «أنّ الصحيح هو الالتزام بصحّة الأفعال الصادرة من المالك وعدم تأثير الإجازة المتأخّرة حتّى على القول بالكشف فضلاً عن القول بالنقل، والوجه في ذلك أنّ تلك الأفعال قد صدرت من أهلها ووقعت في محلّها، فلا وجه للحكم ببطلانها على جميع المسالك في الإجازة.

أمّا على النقل والكشف الحكمي فلوضوح أنّ المال مِلكُه قبل الإجازة حقيقةً فقد تصرّف في ملك نفسه، فلماذا نحكم ببطلانها؟!

وأمّا على الكشف الحقيقي فلأنّ الإجازة إنّما تكشف عن الملكية حال العقد للمشتري فيما إذا صدرت ممّن له الإجازة وهو المالك حال الإجازة؛ لأنّ إجازة غير المالك لا يعقل أن تكون كاشفة عن الملكية المتقدّمة؛ إذ لا أثر لإجازة الجار أو الصديق ونحوهما، بل لابدّ في الإجازة الكاشفة من أن تصدر عن المالك لو لا الإجازة، وهذا مفقود في مفروض الكلام؛ لأنّ المفروض أنّه باع ملکه أو وهبه أو أعتقه قبل الإجازة، فهو غير مالك للمال لولا الإجازة أيضاً، وقد عرفت أنّ الإجازة إنّما تكشف عن الملكية فيما إذا صدرت عن المالك لولا الإجازة؛ والوجه في ذلك: أنّ الإجازة إنّما اعتبرت من أجل استناد العقد إلى المالك حتّى تشمله العمومات؛ لأنّها خطابات للملّاك... والمالك لم يبع قبل الإجازة حتّى تشمله العمومات، وإنّما يصدق عليه ذلك بالإجازة، فالإجازة من جهة استناد العقد إلى المالك، وهي إنّما تسند العقد إليه فيما إذا لم يسبقه استناد آخر إليه، ومع بيعه أو هبته قبل الإجازة واستناد ذلك إلى المالك سابقاً كيف يستند العقد السابق إليه بالإجازة؟! فهل يعقل بيع مال مرّتين؟! فإذا لم تصحّ الإجازة بعد هذه الأفعال فلماذا لا نحكم بصحّة هذه الأفعال والتصرّفات الواقعة قبلها؟! وتوهّم أنّ الإجازة توجب فساد التصرّفات السابقة باطل؛ لأنّ صحّة الإجازة متوقّفة على فساد تلك التصرّفات، فلو توقّف فسادها على صحّة الإجازة لكان دوراً ظاهراً.

فتحصّل: أنّ الحكم على جميع المسالك هو صحّة التصرّفات السابقة على الإجازة،