الواردة في صحّة الفضولي لا إطلاق لها تشمل المقام، ولا فرق فيما ذكرناه بين الكشف الحقيقي والحكمي(1).
أقول: لا بأس بأن يجعل وضوح هذا الحكم الفقهي أعني بطلان إجازتها للعقد الأوّل بعد أن زوّجت نفسها للثاني شاهداً على أنّ الکشف الحقيقي ليس مقتضى القاعدة، ولكن لا معنى لأن يقال: إنّه حتّى بناء على كون مقتضى القاعدة الكشف الحقيقي(2) فتزويجها لنفسها لم يُبق مورداً للكشف، لاختصاصه بمن يمكن استناد العقد الأوّل إليه، ولا يمكن استناد العقد الأوّل بمن زوّجت نفسها في وقت كان لها حقّ تزويج نفسها، فإنّ هذا يرد عليه أنّ استناد العقد الأوّل إليها يكشف عن أنّه لم يكن لها حقّ تزويج نفسها، فكيف يصبح إعمال هذا الحقّ مانعاً عن هذا الاستناد؟!
الفرع الرابع: ما إذا أعتق المالك عبده أو باع ماله ثم علم أنّ الفضولي قد باعه من شخص آخر فأجاز بيع الفضولي بعد العلم بالحال.
قال رحمه الله ما مفاده: أنّ هذا الفرع فرقه عن الفرع السابق أنّ تصرّف المرأة في الفرع السابق كان ينافي عقد الفضولي؛ لأنّه لا يمكن أن تكون للمرأة زوجان، في حين أنّ العتق أو البيع في هذا الفرع ليس منافياً لعقد الفضولي(3)؛ لأنّ بقاء العوضين ليس شرطاً في العقد، فلا يعتبر وجودهما حين استناد العقد إلى المالك، بل ينتقل إلى
(1) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج36، ص454 _ 455.
(2) نعم لو فرضنا أنّ الكشف الحقيقي استفدناه لا بمقتضى القاعدة بل بدليل تعبّدي _ كصحيحة محمد بن قيس _ صحّ أن يقال: إنّ ذاك الدليل التعبّدي لا إطلاق له لمثل المقام.
(3) لا يقصد(رحمه الله) بعدم التنافي عدم التنافي بين العتق والبيع من ناحية وبيع الفضولي من ناحية أُخرى بمعنى أنّه لو وقع بيع الفضولي بعد العتق أو البيع من قبل الأصيل أو مقارناً معه أمكن تصحيح بيع الفضولي بالإجازة، فإنّ التنافي بهذا المعنى واضح لا غبار عليه، وإنّما مقصوده عدم التنافي بينهما من ناحية وبين استناد العقد السابق عليهما إلى المالك بالإجازة من ناحية أُخرى؛ لإمكان الرجوع إلى البدل، وذيل عبارة التنقيح واضح في هذا المعنى وإن كان صدرها قد يوهم المعنى الأوّل.