ولا أقصد بذلك مبطلية التعليق حتّى يجيب عليه السيّد الخوئي بأنّ التعليق على ما يقتضيه العقد بنفسه لا بأس، به وإنّما أقصد بذلك أنّ حمل قوله: «بعت» على معنى «بعتك معلّقاً على قبولك» تأويل لا موجب له، وإنّما كلمة «بعت» تساوق كلمة «ملّكت». نعم، هو يعلم أنّه ما لم يعقبه قبول المشتري لم يترتّب أثر على ذلك عقلائيّاً وشرعيّاً، وعليه فهذا الإشكال مسجّل على ما اختاره السيّد الخوئي رحمه الله في المقام.
الإيراد الثاني الوارد في كلام الشيخ الأنصاري رحمه الله هو: أنّه حتّى لو فرضنا أنّ نظر المجيز تعلّق بالملكية المتقدّمة، فالمتّبع إنّما هو الحكم الشرعي ونظر الشارع دون نظر المتعاملين والمجيز، ولم يدلّ دليل على إمضاء الشارع لإجازة المالك على هذا الوجه؛ لأنّ وجوب الوفاء بالعقد تكليف يتوجّه إلى العاقدين كوجوب الوفاء بالعهد والنذر، ومن المعلوم أنّ المالك لا يصير عاقداً أو بمنزلته إلّا بعد الإجازة(1).
وأجاب السيّد الخوئي رحمه الله على ذلك بأنّ الشارع وإن حكم بالملكية بعد الإجازة لا قبلها إلّا أنّه لا مانع من أن يحكم بعد الإجازة بالملكية من أوّل الأمر...(2).
أقول: نعم، هذا أمر ممكن، لكنّه ليس ممّا تقتضيه القاعدة؛ إذ من الممكن أيضاً مادام الحكم أصبح فعليّاً مثلاً بعد الإجازة أن يكون الحكم حكماً بالملكية حين الإجازة دون الملكية حين العقد، فهذا الإشكال أيضاً مسجّل على مختار السيّد الخوئي رحمه الله.
وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه حتّى الآن أنّ ما يكون ممكناً وفي نفس الوقت محتملاً في باب الكشف والنقل ليس إلّا أحد أُمور أربعة:
الأوّل: الكشف الحقيقي، لا بمعنى أنّ الإجازة كالعَلَم المنصوب على باب دار للأمارية والكاشفية عن وجود مجلس عزاء هناك، فإنّ هذا غير محتمل أصلاً، بل بمعنى كون الإجازة شرطاً متأخّراً.
(1) راجع المكاسب، ج3، ص405.
(2) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج36، ص442.