وأجاب السيّد الخوئي رحمه الله على ذلك بأنّ هذا الكلام إنّما يتمّ بناء على المسلك المشهور من أنّ الإنشاء عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ، فيمكن أن يقال: إنّ العقد إيجاد لذات الملكية من دون تقييد بحصّة من الزمان أو إطلاق، وأمّا بناء على ما سلكناه في معنى الإنشاء من أنّه عبارة عن إبراز الاعتبار النفساني المتحقّق في أُفق النفس فيستحيل أن لا تكون الملكية مطلقة ولا مقيّدة؛ لاستحالة الإهمال في الواقعيّات، فالعاقد إمّا أنّه اعتبر الملكية من حينها أو اعتبر الملكية مقيّدة بقطعة زمانية، وأمّا الإهمال وأنّه لا يدري ما جعله فهو مستحيل، والإجازة إنّما تعلّقت بتلك الملكية المطلقة، أعني الملكية من حين البيع، فلا محالة يكون المُجاز عبارة عن الملكية من أوّل الأمر.
قال رحمه الله: وأمّا النقض بالقبول فغير وارد؛ لأنّ الملكية المُنشأة بالإيجاب مقيّدة بالقبول وليست مطلقة، فكأنّه قال: بعتك إن قبلت، فلذا ذكرنا: أنّ مثل هذا التعليق في المعاملات لا بأس به؛ لأنّه تعليق يقتضيه العقد بنفسه، ولا معنى لتقدّم الملكية حينئذٍ على القبول؛ لأنّها قد أُنشئت معلّقة على قبول المشتري(1).
أقول: إنّ ما ذكره رحمه الله من أنّ العقد عبارة عن إبراز اعتبار الملكية من حينه وإن كان صحيحاً لكن كون الإجازة بمقتضى القاعدة عبارة عن إجازة الملكية من حين العقد وليس عبارة عن إجازة ذات الملكية المنشأة دون إطلاقها لا دليل عليه، ويشهد لكونها إجازة لذات الملكية ما ذكره الشيخ الأنصاري رحمه الله من أنّ القبول قبول لذات الملكية لا للملكية من حين الإيجاب؛ فإنّ عدم كون القبول قبولاً للملكية من حين الإيجاب من الواضحات ولم ينكره السيّد الخوئي رحمه الله، ولهذا اضطر(قدس سره) أن يخرّج ذلك على أساس أنّ الإيجاب كان إنشاءً للتمليك معلّقاً على قبول المشتري، في حين أنّ هذا تكلّف وتأويل لا دليل عليه.
(1) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج36، ص441 _ 442.