المولفات

المؤلفات > البيع

192

والاعتبار بعد الإجازة والملكية من أوّل العقد والبيع. وأمّا في القضايا الحقيقية والأحكام الشرعية التي لا نظر فيها إلى الخارج بوجه، بل إنّما هي مترتّبة على موضوعاتها المقدّرة الوجود وصادرة قبل خلق الخلق والعالم أو حين نزول الشريعة فلا يتمّ؛ لأنّ الشارع إنّما اعتبر الملكية قبل وجود المتبائعين لا محالة... فنقول: إنّ الشارع الذي اعتبر الملکية هل اعتبرها من حين العقد أو من حين الإجازة؟ فعلی الأوّل تکون الإجارة کاشفة حقيقة کما أنّها علی الثاني تکون ناقلة، فلا يبقى لاستكشاف ما ذكرتموه مجال بأن يکون الاعتبار بعد الإجازة والمعتبر هو الملكية المتقدّمة»(1).

قال رحمه الله: وهذا الإيراد يدفعه وجهان:

الأوّل: أنّ الشارع لم يعتبر الملكية أو نحوها من الأُمور الاعتبارية في المعاملات، وإنّما شأنه الإمضاء أو الردع، فقد ردع عن البيع الغرري وبيع الخمر والصليب، وأمضى اعتبار المالك وإجازته المتعلّق بالملكية السابقة فيقع الاعتبار بعد الإجازة والملكية من أوّل الأمر عند الشارع أيضاً صحيحاً وممضي.

والثاني: هب أنّ للشارع اعتبار الملكية كاعتبار المالك والمجيز وأنّ اعتباره أزلي أو من حين تشريع الشريعة إلّا أنّ هذا لا يضرّ في المقام؛ فإنّ موضوع اعتباره هي الإجازة، فمادام لم تتحقّق الإجازة فلا حكم بالملكية، وبعد ما تحقّقت يتحقّق الحكم بالملكية من أوّل الأمر(2).

أقول: الجوابان في روحهما جواب واحد؛ فإنّ الشريعة على أيّ حال قد اعتبرت ملكية حين العقد بلحاظ حين الإجازة إمّا بعنوان إمضاء ما وقع من المالك أو في حدّ ذاته، ولا أثر لإدخال عنوان الإمضاء في باب المعاملات في الحساب وعدمه.

فالروح الحقيقية للجواب هي التفكيك بين الجعل والمجعول ببيان أنّ الجعل وإن


(1) راجع موسوعة الإمام الخوئي(رحمه الله)، ج36، ص445 _ 446.

(2) راجع المصدر السابق، ص446.