ولكن أصل النزاع المفترض في هذا الحديث ليس من قبيل ما نحن فيه؛ لأنّه لم يفترض النزاع بين الزوج والزوجة، وإنّما افترض النزاع بين رجلين، وأيّهما وقع الحكم عليه سوف لا يؤدّي ذلك إلى ابتلائه بالحرام. أمّا دعوى إطلاق الرواية لفرض كون المرأة نافيةً لإحدى الزوجيَّتين، لا جاهلةً بالواقع، فقد يناقش فيها بأنّ الرواية لم تكن بصدد البيان من هذه الناحية، وإنّما هي بصدد البيان من ناحية نزاع الرجلين، لا من ناحية رأي المرأة في الموضوع.
إلا أنّه لا يبعد القول بتماميّة الإطلاق المقامي للحديث؛ لأنّ فرض عدم وجود رأي لها في الموضوع فرض نادر، وتخصيص الحديث بهذا الفرض النادر بعيد، وعلى أيّة حال فالحديث ساقط سنداً.
إلا أنّه بالإمكان التمسّك بإطلاق حديث أبي خديجة قال: «قال أبو عبداللّه جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه»(1).
وقد نقل الحديث بمتن آخر أيضاً وهو ما يلي: «بعثني أبو عبداللّه (عليه السلام) إلى أصحابنا، فقال: قل لهم: إيّاكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارى في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفسّاق، اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا، فإنّي قد جعلته عليكم قاضياً، وإيّاكم أن يخاصم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر»(2).
(1) نفس المصدر، ص4، الباب الأول من صفات القاضي، ح5.
(2) نفس المصدر، ص100، الباب 11 من صفات القاضي، ح6.