المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

775

وأمّا الحجّية القضائية للقرعة في مورد لا تعيّن له في الواقع فأيضاً لم نعرف لها دليلاً، فقوله في الرواية التاسعة: «كلّ مجهول ففيه القرعة» ظاهر في افتراض واقع مجهول. وكذلك الحال في قوله في الرواية الثامنة: «ليس من قوم تنازعوا ثم فوّضوا أمرهم إلى اللّه إلا خرج سهم المحقّ»، كما أنّ حديث: «القرعة سنّة» لا تكون له دلالة إطلاقيّة لغير ما لا تعيّن واقعي له، ولا يفيدنا إطلاق ما عن دعائم الإسلام، عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهم السلام): «أنّهم أوجبوا الحكم بالقرعة فيما أشكل»؛ لسقوطه سنداً لو تمّ إطلاقه.

نعم، هنا مورد واحد _ سيأتي في بحث الروايات الخاصّة _ دلّت بعض الروايات الخاصّة على القرعة فيه من دون افتراض واقع مجهول، وهو مورد تعيين من عليه الحلف في باب القضاء بالقرعة عند تعارض الشهود.

ثم إنّ هناك رواية قد تدل على عدم حجّية القرعة حتى قضائيّاً إلا على يد الإمام المعصوم، وهي ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل ابن مرار، عن يونس: «قال في رجل كان له عدّة مماليك، فقال: أيُّكم علَّمَنِ آيةً من كتاب اللّه فهو حرٌّ، فعلّمه واحد منهم، ثم مات المولى، ولم يُدْرَ أيُّهم الذي علّمه، أنّه قال: يُستخرج بالقرعة. قال: لا يُستخرجه إلا الإمام؛ لأنّ له على القرعة كلاماً ودعاءً لا يعلمه غيره»(1). فإن لم نقل بانصراف كلمة (الإمام) إلى الإمام المعصوم، فالقرينة على إرادة الإمام المعصوم في المقام هي افتراض دعاء لا يعلمه غيره.

أمّا لو قلنا بانصراف (الإمام) إلى الإمام المعصوم، فيعطف على هذا الحديث حديث آخر، وهو مرسلة حمّاد عمّن ذكره، عن أحدهما قال: القرعة لا تكون إلا


(1) وسائل الشيعة، ج16، ص38، الباب 34 من العتق، ح1.