8_ ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبدالرحمان بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بعث رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) عليّاً (عليه السلام) إلى اليمن، فقال له حين قدم: حدِّثْني بأعجب ما ورد عليك، فقال: يا رسول اللّه، أتاني قوم قد تبايعوا جاريةً فوطأها جميعهم في طهر واحد، فولدت غلاماً، فاحتجّوا فيه كلّهم يدّعيه، فأسهمت بينهم، فجعلته للذي خرج سهمه وضمّنته نصيبهم. فقال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله): ليس من قوم تنازعوا، ثم فوّضوا أمرهم إلى اللّه إلا خرج سهم المحقّ». ورواه الصدوق بإسناده عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) نحوه إلا أنّه قال: «ليس من قوم تقارعوا»(1). والسند الأول وإن كان ضعيفاً بالإرسال، ولكن السند الثاني تام.
وأمّا من حيث المتن فلا يرد عليها ما أوردناه على بعض الروايات السابقة _ من أنّها لا تدل على الحجّية القضائية، ولا على الحجّية الذاتية؛ لأنّها ليست بصدد بيان ذلك، وإنّما هي بصدد بيان أنّهم حينما يفوّضون أمرهم إلى اللّه ويتراضون بالقرعة يخرج سهم المحقّ، أمّا إرغامهم على القرعة ابتداءً، أو من قبل القاضي فغير معلوم _ أقول: هذا الإشكال لا يرد هنا؛ لأنّه في مورد الرواية قد حكم القاضي وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) بالقرعة، فالرواية تدل على الحجّية القضائية بلا إشكال.
نعم، لا تدل على الحجّية الذاتية، أي: بغضّ النظر عن حكم القاضي؛ وذلك لأنّ الكبرى المذكورة في الحديث هي صحّة التفويض إلى اللّه والالتجاء إلى القرعة كأمر مفروغ عنه فيها، ورتّب على ذلك خروج سهم المحقّ، أمّا متى(2) يصحّ ذلك فغير
(1) وسائل الشيعة، ج18، ص188، الباب13 من كيفيّة الحكم، ح5 و6.
(2) يحتمل في هذا الحديث وفي كلّ الأحاديث المتضمّنة للحكم بخروج سهم المحقّ لقوم فوّضوا أمرهم إلى اللّه فاقترعوا أن تكون هذه الأحاديث بصدد تشريع هذا التفويض والاقتراع، لا بصدد مجرّد بيان ←