المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

72

وقبل أن ندخل في تفصيل الجواب عن كلّ واحد من هذه الإشكالات تباعاً نذكر مقدّمةً ما يجعل موقفنا كمسلمين موقف الهجوم أيضاً على مدرسة الغرب، وليس موقف الدفاع محضاً.

فنقول: إنّ النظرة الأساسية إلى المرأة التي يجب أن تتفرّع عليها كلّ هذه الفروع وأمثالها هي إحدى نظرات ثلاث:

الأُولى _ نظرة الجاهليّة الأُولى إليها، التي كانت متعارفة في البيئة التي كان منها رسول اللّه (صلى الله عليه و آله)، وهي أن تعدّ بمستوى الحيوانات أو أتعس، ولا تعدّ في صفوف الإنسان، وقد نطق بحكاية ذلك القرآن الكريم كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذا بُشِّـرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ﴾(1)، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾(2).

الثانية _ نظرة الجاهلية اليوم، التي تدّعي أنّها ترى المرأة إنساناً كالرجل، فهي من ناحية تفترض أنّها ترى المرأة في عرض الرجل ومثله في الإنسانية، ومن ناحية أُخرى تغفل أو تتغافل عن الفوارق الفسلجية والسيكولوجية الثابتة فيما بينهما.

الثالثة _ نظرة الإسلام، فالإسلام يرى من ناحية أنّ المرأة في عرض الرجل ومثله في الإنسانية، ومن ناحية أُخرى لا يُغفِل الفوارق الفسلجية والسيكولوجية الثابتة _ بحسب طبيعة الخلقة _ فيما بينهما، كغلبة الجانب العقلي على الجانب العاطفي في الرجل، وغلبة الجانب العاطفي على الجانب العقلي في المرأة، وقوّة الرجل بنيةً وقدرةً


(1) النحل: 58 _ 59.

(2) التكوير: 8 _ 9.