المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

663

الأول على أنّ تماميّة هذه الإطلاقات محلّ نظر؛ لإمكان القول بأنّ هذه الروايات إنّما بيّنت ما يأتي بعد عجز المدّعي عن البيّنة، وهو يمين المنكر، أمّا أنّ هذا اليمين هل يوجّه إليه من قبل الحاكم ابتداءً، أو بطلب المدعي، فهذا مطلب آخر لا علاقة له بهذه الروايات، فهذه الروايات وِزانها وِزان أصل الروايات التي تبيِّن أنّ مقياس القضاء هو البيّنة واليمين، أو هو بيّنة المدّعي ويمين المنكر، لا علاقة لها بنفي شرط طلب المدّعي أو إثباته، على أنّ هذه الروايات كلّها ضعيفة سنداً. وأيضاً لو تمّت دلالة ما ورد في أمر نبي من الأنبياء بالتحليف فإنّما ذلك بالإطلاق، ويقيّد برواية محمد بن مسلم، ويكون المفاد بعد التقييد أنّ القاضي يحلّف بعد طلب المدعي.

إلا أنّ الصحيح: أنّ دلالة رواية محمد بن مسلم _ على شرط كون طلب الحلف من المدّعي _ أيضاً قابلة للنقاش، فإنّ السؤال فيه عن الرجل يدّعي ولا بيّنة ‏له قال: «يستحلفه»، فلا يبعد أن يكون هذا بصدد تعليم المدّعي كيفيّة تصدّيه لعلاج مشكلته، وهو أن يطلب حلف المنكر، أمّا لو لم يتصدَّ هو للعلاج فهل يجوز للحاكم أن يستقلّ بالعلاج، أو لا، فهذا مطلب آخر.

وتحقيق الحال في المقام أن يقال: إنّه تارةً يفترض أنّ الحقّ المتنازع عليه يكون تحت سلطة المنكر، وأُخرى يفترض أنّه تحت سلطة المدّعي.

فإن كان تحت سلطة المنكر لا يحلّف المنكر إلا بطلب المدّعي، فلو رضي المدّعي بإيقاف النزاع _ ولو موقّتاً _ وعدم مطالبته بحقّه، فلا دليل على نفوذ تحليف الحاكم للمنكر، ودليل كون وظيفةِ الحاكم حسم النزاع لا إطلاق له لفرض استعداد المدّعي لإيقاف النزاع ولو موقّتاً.

وإن كان تحت سلطة المدّعي _ كما لو كانت العين بيده معترفاً بأنّه أخذها من صاحبه قهراً عليه؛ لعلمه بأنّها له _ فهنا لا يحلّف المنكر إلا بطلب المنكر؛ بمعنى أنّه لو