كون ذلك بمطالبة المدّعي فلا يدل عليها هذا الوجه.
أقول: إنّ هذا الإشكال إنّما يرد على كلام صاحب الشرائع (رحمه الله) لو كان مقصوده من قوله: «فيتوقّف استيفاؤه على المطالبة» أنّ استيفاء حقّ المدّعي من دون مطالبته ظلم له؛ إذ قد تتعلّق مصلحته بترك المطالبة _ كما لو أراد تأجيل تحليف المنكر لاحتمال حصوله في المستقبل على البيّنة، أو لأيّ سبب آخر، فلا مبرِّر لإجباره على الرضوخ ليمين المنكر _ فهذا يرد عليه ما قاله صاحب الجواهر (رحمه الله) من أنّه يكفي دفعاً لهذا الاعتراض استكشاف رضا ذي الحقّ ولو بشاهد الحال، أمّا اشتراط مطالبته فهذا لا يدل عليه.
ولكن أكبر الظنّ أنّ مقصود صاحب الشرائع (رحمه الله) ليس هذا، وإنّما مقصوده أنّ إجبار الحاكم للمنكر على اليمين، أو الرضوخ للحكم بصالح المدّعي إنّما يكون بملاك مطالبة ذي الحقّ وهو المدّعي، فلو كان ذو الحقّ غير مطالب بذلك فإرغام الحاكم للمنكر على ذلك بحاجة إلى دليل، وهذا _ كما ترى _ لا يرد عليه إشكال صاحب الجواهر (رحمه الله).
نعم، هناك نقاش آخر يمكن أن يناقش به هذا الوجه وهو أنّه ما المقصود بكون الحلف حقّاً للمدّعي؟
هل المقصود بذلك أنّ أمر التحليف وجوداً وعدماً بيد المدّعي؟ فهذه مصادرة على المطلوب، فإنّ كلامنا الآن في أنّ التحليف هل هو من حقّ الحاكم مباشرةً، أو المدّعي هو الذي يجب أن يطالب به كي يتمّ التحليف؟
أو المقصود بذلك أنّ الحلف أمر وضع على المنكر تضييقاً عليه لصالح المدّعي في عالم القضاء، كما أن البيّنة أمر وضع على المدّعي تضييقاً عليه لصالح المنكر في عالم القضاء؟ فهذا الكلام صحيح، ولكن لا دلالة له على المدّعى، فإنّ مجرّد كون شيء