المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

638

قال: هما بيني وبينك، فقد أقرّ بأنّ أحد الدرهمين ليس له وأنّه لصاحبه، ويقسّم الآخر بينهما». ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن عبداللّه بن المغيرة عن بعض أصحابنا، وروي نحو الحديث أيضاً عن محمد بن أبي حمزة _ بسند تام _ عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)(1). والسند الثاني والثالث وإن كانا ساقطين بالإرسال، ولكن بالإمكان تتميم السند الأول بأن يقال: إنّ التعبير بـ «غير واحد من أصحابنا» الذي قد يؤدّي معنى ما يزيد على الاثنين _ على الأقلّ _ حينما يصدر من مثل عبداللّه بن المغيرة الذي قيل عنه: «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه» يورث الاطمئنان بحساب الاحتمالات بأنّ أحدهم _ على الأقلّ _ كان ثقةً، أو أنّ نقلهم جميعاً لعبداللّه بن المغيرة كان يوجب الاطمئنان بالصدور.

وبالإمكان أن يقال: إنّ هذا الحديث لا يدل على نفي التحليف؛ بأن يكون التقسيم بنفسه نظاماً للحكم في باب القضاء عند التداعي من دون التحليف خروجاً عن قاعدة «إنّما أقضي بينكم بالبينات والأيمان»، وذلك لأنّ الظاهر أنّ الحديث وارد بصدد الردّ على شبهة حصلت في ذهن السائل، وهي احتمال أن يقال: إنّ اليدين دليل على الشركة، فمن قال: «هما بيني وبينك» هو المنكر؛ لمطابقة قوله الأمارة وهي اليدان، ومن قال: «الدرهمان لي» هو المدّعي؛ لمخالفة قوله الأمارة وهي اليدان، فقد وضّح الإمام (عليه السلام): أنّ أماريّة إحدى اليدين بالنسبة لأحد الدرهمين سقطت نهائياً باعترافه، فهما إنّما يكونان على قدم سواء بالنسبة للدرهم الثاني، أمّا الدرهم الأول فلمن توافقا على أنّه له، فالدرهم الثاني هو الذي يقسّم بينهما، لا مجموع الدرهمين.


(1) وسائل الشيعة، ج13، ص169، الباب 9 من أحكام الصلح، ح1.