المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

627

كان لولا رواية أبي بصير لأمكن لقائل أن يقول: نحن نجمع بين البيّنتين ونصدّق الشهادة على أنّ هذا ورث من أبيه، ولا يدري كيف كان أمر الدار، ونصدّق أيضاً الشهادة على أنّ الآخر هو المالك للدار، وبالتالي نخصم النزاع بالحكم في صالح مدّعي الملك، ولكن رواية أبي بصير دلّت على المقارعة بين البيّنتين، وبهذا تمّ موضوع روايات التحليف والتقسيم والقرعة لتعيين الواقع. أمّا لو بقينا مُصرّين على أنّ رواية تحليفهما والتقسيم إنّما وردت في المتداعيين الحقيقيين، وأنّ رواية أبي بصير لم تجعل مدّعي الإرث بمنزلة المدّعي كي يلحق المورد حكماً بتلك الروايات، وإنّما دلّت تعبُّداً على أنّ البيّنتين تتقارعان في المقام، وأنّ الأكثريّة مرجّحة، فعندئذٍ نقول: إنّ العرف لا يتعقّل اختصاص التقارع بخصوص فرض وجود الأكثريّة؛ إذاً ففي فرض التساوي يكون المرجع هو روايات تعيين القرعة لمن عليه الحلف، فإنّنا وإن خصصناها فيما سبق بغير باب الأموال، لكن هذا التخصيص إنّما كان بروايتي إسحاق وغياث(1). ورواية غياث وصدر رواية إسحاق أخرجا المتداعيين في باب الأموال، وذيل رواية إسحاق أخرج المدّعي والمنكر في باب الأموال اللذين هما متكاذبان صريحاً، لا أن يكون أحدهما يدّعي الملك والآخر يدّعي الإرث، فهذا بعد فرض عدم إلحاقه بالمتداعيين المتكاذبين يبقى تحت إطلاق روايات القرعة لتعيين من عليه الحلف.

ولكن الظاهر أنّ استظهارنا الأول أقوى من هذا، فالصحيح هو ما قلناه من تحليفهما وإعطاء المال لمن حلف، والتقسيم لو حلفا، والقرعة لتعيين الواقع لو نكلا.

هذا كلّه ما أردنا إضافته هنا في حكم فرض تساوي البيّنتين مع عدم التصريح


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص182، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح2 و3.