المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

608

أمّا في باب الكشف وتعارض الأمارتين فالمرتكز العقلائي هو التساقط، لا كشف كلّ واحدة منهما عن النصف. وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ اليد أمارة على الملكيّة وكاشفة عنها، وليست موجدةً لها.

وعلى أيّ حال فإن سلّمنا بأنّ كلّ واحد منهما مدّعٍ في تمام المال فالبيّنتان قد تعارضتا وتساقطتا، وبعد تساقط البيّنتين تصل النوبة إلى التحالف، وذلك بأحد وجهين:

الأول(1)_ أن يقال: إنّ كلّ واحد منهما كما هو مدّعٍ لتمام المال كذلك هو منكر لملكيّة صاحبه، وعلى المنكر اليمين. فلو نفى ملكيّة صاحبه باليمين أثّرت يده في إثبات ملكيّته هو.

والثاني _ أن يتمسّك بإطلاق(2) مثل قوله: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»(3)، وقوله في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبداللّه (عليه السلام): «قال في كتاب علي (عليه السلام): إنّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى ربّه فقال: يا ربّ كيف أقضي فيما لم أرَ ولم أشهد؟ قال: أوحى اللّه إليه: احكم بينهم بكتابي، وأضفهم إلى اسمي، فحلّفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بيّنة»(4). خصوصاً إذا افترضنا أنّ قوله: «هذا لمن لم تقم له بيّنة» من قول المعصوم كما لعلّه المفهوم من واو العطف، وهذا قرينة على النظر إلى خصوص المدّعي؛ لأنّه هو الذي تتوقع منه البيّنة، كما أنّ أصل الرؤية والشهادة أيضاً تتوقّع


(1) هذا الوجه الأول لا يأتي فيما إذا كان المال خارجاً من يدهما.

(2) قد يناقش في إطلاق ذلك: بأنّه لم يعلم من هذا أنّه في فرض التداعي هل يتحالفان، أو يعيّن من عليه الحلف بالقرعة؟

(3) وسائل الشيعة، ج18، ص169، الباب 2 من كيفيّة الحكم، ح1.

(4) نفس المصدر، ص167، الباب الأول من كيفيّة الحكم، ح1.