له قاتلاً، فإن أبوا أن يحلفوا، أُغرموا الدية فيما بينهم سواء بين جميع القبيلة من الرجال المدركين»(1)؛ فمقتضى إطلاق هذا الحديث أنّه حتى لو كانوا أكثر من خمسين وجب أن يحلفوا جميعاً، ورواية أبي بصير الماضية لو تمّت سنداً لكانت صالحةً لتقييد هذا الإطلاق؛ إذ تقول: «فإنّ على الذين ادُّعِي عليهم أن يحلف منهم خمسون...».
وهناك روايتان أُخريان يعارض إطلاقهما إطلاق رواية علي بن الفضيل، وهما ما مضى من رواية بريد؛ حيث ورد فيها: «وإلا حلف المدّعى عليه قَسَامة خمسين رجلاً ما قتلنا، ولا علمنا قاتلاً»، ورواية مسعدة حيث ورد فيها: «حلّف المتّهمين بالقتل خمسين يميناً باللّه ما قتلناه، ولا علمنا له قاتلاً»، فمقتضى إطلاقهما كفاية خمسين قسماً. ولو كان المتّهمون أكثر من خمسين، فإمّا أن تحمل رواية علي بن الفضيل على ما إذا لم يكونوا أكثر من خمسين، أو تحمل هاتان الروايتان على ما إذا يكونوا أكثر من خمسين، ومع عدم الترجيح لا يبقى دليل على لزوم الحلف أكثر من خمسين. والذي يهوّن الخطب أنّ رواية علي بن الفضيل غير تامّة سنداً؛ لعدم ثبوت وثاقة علي بن الفضيل؛ إذاً فالصحيح كفاية حلف خمسين من المتّهمين على براءة الكلّ ولو كان المتهمون أكثر من خمسين.
الترتيب بين البينة والقسامة منهما
يبقى الكلام في أنّه ما هي النسبة بين ما يثبت دعوى المدّعي من البيّنة وقَسَامة خمسين، وما يثبت براءة المتّهم من البيّنة وقَسَامة خمسين؟ هل هناك تقدّم لأحدهما على الآخر؟ وهل هناك تقدّم للبيّنة على القسامة أو العكس، أو لا؟ وهذا البحث
(1) وسائل الشيعة، ج19، ص115، الباب 9 من دعوى القتل، ح5.