المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

447

قرينة على كون المقصود هو الإخبار بالملكيّة الظاهرية، فإنّ عدم جوازه مساوق لعدم الملكيّة الظاهرية المساوق لعدم قيام السوق للمسلمين، ونفوذ الشهادة بالملكيّة الظاهرية مطلق يشمل باب القضاء وإن لم يكن للحديث نظر إلى خصوص باب القضاء؛ فإنّ هذا لا ينافي إطلاقه، إلا أنّ نفوذ الشهادة بالملكيّة الظاهرية في باب القضاء بإطلاق الحديث لا يثبت أزيد من تشخيص المنكر عن المدّعي كما وضّحناه فيما مضى.

الرواية الثانية _ ما عن أبي بصير _ بسند تام _ قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن الرجل يأتي القوم، فيدّعي داراً في أيديهم، ويقيم البيّنة، ويقيم الذي في يده الدار البيّنة أنّه ورثها عن أبيه، ولا يدري كيف كان أمرها؟ قال: أكثرهم بيّنة يستحلف وتدفع إليه...»(1). فيقال: إنّ المفروض في هذا الحديث أنّ البيّنة اعتمدت على الظاهر، وهو يد الأب، ومع ذلك فرض اعتبارها، ولذا يستحلف أكثرهم بيّنة.

ولكنّك ترى أنّ مفاد هذا الحديث ليس هو فرض الشهادة على الواقع اعتماداً على التعبّد، وإنّما هو فرض الشهادة الحسّية على الظاهر، وهو الإرث عن أبيه. ومن الواضح أنّ هذه الشهادة لا تكون بأقوى حالاً في مقام إثبات الواقع من نفس يد المنكر التي يشاهدها القاضي في مجلس القضاء وكلّ مَن حوله، فهل أنّ يده لا تثبت الواقع، ولكن يد أبيه تثبت الواقع؟!

إذاً فالظاهر أنّ الحديث محمول على فرض التكاذب بين المدّعي وبيّنة المنكر؛ بأن يقصد المدّعي من ملكيّته للدار أنّ هذا الذي في يده الدار هو الذي غصبها منه مثلاً، وعندئذٍ فبيّنة المنكر في مقابل المدّعي بيّنة على الواقع عن حسّ؛ إذ تشهد أنّه


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص181، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح1.