المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

431

وعدم انتهائه إلى المعصوم، فالمهم هو الوجه الرابع.

والمتحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّ طلب الحاكم ليس دخيلاً في نفوذ الشهادة، وموافقة المدّعي دخيلة لا في نفوذ الشهادة بالمعنى الذي قد يوحي إليه هذا اللّفظ، بل في حكم الحاكم حينما يكون من حقّ المدّعي؛ إذ لا دليل على نفوذ الحكم في هذه الحالة، وينتقل الأمر عندئذٍ إلى حلف المنكر الذي يذهب بحقّ المدّعي. أمّا في حقّ اللّه والحقوق العامّة فلا موضوع لهذا البحث؛ لأنّ من حقّ ولي الأمر أن يتدخّل مباشرةً في الحكم من دون افتراض مدّعٍ يطالب به. وما يشتمل على حقّ اللّه وحقّ للفرد تنفذ فيه الشهادة التبرّعيّة بالنسبة لحقّ اللّه، ولا تنفذ بالنسبة لحقّ الفرد بالمعنى الذي شرحناه لعدم النفوذ، لا بالمعنى الذي يوحي إليه حاقّ اللّفظ.

وإذا كان حقّ واحد للّه وللفرد في وقت واحد تنفذ فيه الشهادة التبرعيّة بلا إشكال.

شرط (الحسّ) في الشهادة

الشرط التاسع _ أن تكون الشهادة عن حسّ.

لا إشكال في وجوب استناد الشهادة إلى مدرك مقبول، وعدم جواز الشهادة بمجرّد الاحتمال أو الظنّ وبلا مستند مثبت لما يشهد به، وعدم نفوذها.

والمستند الذي يمكن للشاهد أن يعتمد عليه في مقام الشهادة لا يخلو عن أحد أمور أربعة:

الأول _ الحسّ: وأقصد بذلك ما لو كان الوسيط بينه وبين علمه بالواقع إحدى حواسّه كالبصر أو السمع.

والثاني _ ما يقرب من الحسّ: وأقصد بذلك ما لو كان هناك وسيط آخر غير الحسّ وقع في طريقه إلى العلم بالواقع، إلا أنّ هذا الوسيط سنخ أمر يوجب العلم لعامّة الناس