المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

429

الشهادة كانت تبرعيّة _ أي من دون طلب ذي الحقّ _ ثم بعد ذلك طلب ذو الحقّ حكم الحاكم وفق الشهادة، وحَكَم الحاكم وفقها فهذا الحكم نافذ رغم تبرّعيّة الشهادة.

بقي هنا إشكال في الحساب، وهو أنّ المدّعي لو لم يرد من الحاكم الحكم وفق البيّنة رغم قيام البيّنة ولو تبرّعاً وأراد تحليف المنكر وقيام الحكم وفق حلف المنكر، فما هو الدليل على نفوذ حكم الحاكم وفق حلف المنكر؟ فصحيح أنّه لا دليل على نفوذ حكم الحاكم وفق البيّنة؛ لأنّ هذا من حقّ المدّعي الذي لم يطلبه، ولكن قد يقال: لا دليل أيضاً على نفوذ حكمه وفق يمين المنكر، فإنّ مثل قوله (صلى الله عليه و آله): «إنما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان» وإن كان ظاهراً في حجّية اليمين عند عدم فعليّة حجّية البيّنة، لكنّ النقص _ كما عرفنا _ لم يكن هنا في البيّنة، فالبيّنة _ بما هي بيّنة _ كانت مستكملة لشروط الحجّية رغم تبرّعيّتها، وإنّما النقص كان في جانب الحكم الذي لا دليل على نفوذه حينما يكون من حقّ شخص لا يريد حقّه؛ إذاً لا دليل على نفوذ الحكم وفق اليمين أيضاً.

إلا أنّ هذا الإشكال يرفع بالتمّسك بإطلاق ما ورد _ بسند تام _ عن ابن أبي يعفور عن أبي عبداللّه (عليه السلام): قال: «إذا رضي صاحب الحقّ بيمين المنكر لحقّه، فاستحلفه، فحلف أن لا حقّ له قبله، ذهبت اليمين بحق المدّعي، فلا دعوى له. قلت له: وإن كانت عليه بيّنة عادلة؟ قال: نعم، وإن أقام بعد ما استحلفه باللّه خمسين قسامة ما كان له، وكانت اليمين قد أبطلت كلّ ما ادعاه قبله ممّا قد استحلفه عليه». وزاد في (من لا يحضره الفقيه): قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله): «من حلف لكم على حقّ فصدّقوه، ومن سألكم باللّه فاعطوه، ذهبت اليمين بدعوى المدّعي، ولا دعوى