المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

341

وعلى أيّ حال فالصحيح هو عدم اشتراط كونه بأرض غربة عملاً بالإطلاق الذي عرفت، وأمّا الآية والروايات التي جاءت فيها فرضية الضرب في الأرض، أو الكون بأرض غربة فلا أقلّ من إجمالها وعدم ظهورها في القيديّة للحكم، وذلك لقوّة مناسبتها للورود مورد الغالب وللمثاليّة؛ إذ عادةً لا يتّفق للمسلم المفروض به أنّه يعيش في بلد المسلمين أن لا يحصل على شهود مسلمين إلا إذا كان بأرض غربة.

مدى اشتراط الانحصار في الشهادة

الرابع _ هل يشترط في قبول شهادة الكتابي أو الذمّي عدم وجود شاهدين مسلمين عدلين، أو يعتبر فيه عدم وجود شاهدين مسلمين حتى غير العدلين، أو عدم وجود مسلم مطلقاً وإن كان واحداً؟

الصحيح: أنّه لا مجال للاحتمال الثاني، فإن أخذنا بما قد يبدو في أوّل وهلة من بعض الروايات من شرط عدم وجود الشاهد المسلم، فالمفروض هو أن نأخذ بالاحتمال الثالث؛ فمثلاً جاء في حديث هشام بن الحكم عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في قول اللّه (عزوجل): ﴿أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ قال: «إذا كان الرجل في أرض غربة ولا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصيّة»(1)، فقد يُقال: إنّ هذا ظاهر في اشتراط عدم وجود المسلم إطلاقاً، إلا أن يُقال بشأن هذا الحديث بما ذكره السيد الخوئي (رحمه الله) بلحاظ بعض روايات الباب من أنّها واردة مورد تفسير الآية، وبيان المراد من كلمة ﴿مِنْكُمْ﴾أو جملة﴿أَو آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾. وظاهر الآية هو أنّ الشرط إنّما هو عدم وجود شاهدين عدلين من المسلمين.


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص287، الباب40 من الشهادات، ح3، وج13، ص391، الباب20 من أحكام الوصايا، ح4.