المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

287

عند ملاحظتها جميعاً كخطاب واحد. وقد أفاد أُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في البحوث(1) في مقدّمة نقل روايات حجّية خبر الثقة في الموضوعات: أنّ هذا متوقّف على حجّية الظهور المتحصل من مجموع روايات متفرّقة عند ملاحظتها كخطاب واحد، وقال (رحمه الله): «قد تعرّضنا إلى ذلك في الأصول».

أقول: قد تعرّض أُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في الأصول لتوجيه فنّي للكلام الموروث عن المحقّق النائيني (رحمه الله)، وهو أنّ ما يكون قرينةً في حال الاتّصال فهو قرينة في حال الانفصال. وهو: أنّ الكلامين المتنافيين كالعام والخاص اللذين يفرض التصرّف في أحدهما بقرينة الآخر إذا كان أحدهما حين الاتّصال قرينة للتصرّف في الآخر، فعند الانفصال ودوران الأمر بين أن يكون ما هو القرينة حين الاتّصال هو القرينة أيضاً حين الانفصال، أو العكس يكون الأول أولى؛ لأنّه لو فرض الخاص مثلاً في مثال العام والخاص الذي كان قرينةً في فرض الاتّصال قرينة أيضاً في فرض الانفصال، فقد ارتكب المتكلّم مخالفة واحدة للأصول العقلائيّة، وهي أصالة الاتّصال بين القرينة وذي القرينة، فقد جعل ما يصلح للقرينيّة في ذاته قرينةً، إلا أنّه فصل القرينة عن ذيها. أمّا لو فرض العكس فقد ارتكب مخالفتين: إحداهما فصل القرينة عن ذيها، والثانية فرض القرينيّة لما هي غير صالحة للقرينيّة في ذاتها وبغضّ النظر عن مشكلة الانفصال بدليل أنّه لو وصل بينهما لما حمله العرف على القرينيّة.

وهذا الكلام لو طرح على شكل الحساب الرياضي والبرهان العقلي فهو غير تام؛ إذ كون ما هو قرينة عند الاتّصال قرينة عند الانفصال أوّل الكلام، وإذا لم يكن قرينةً عند الانفصال فحمل كلّ منهما على القرينيّة للآخر فيه مخالفة واحدة للأصول


(1) بحوث في شرح العروة الوثقى، ج 2، ص 91