المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

25

يثبت وجوب القضاء كذلك يثبت نفوذه؛ لأنّنا نعلم إنّ مجرّد الوجوب بلا نفوذ لا يرفع الاختلال، ونفوذه يعني إمضاء الشارع لقضائه. وحينئذٍ لو كان إمضاء الشارع لقضائه بعد فرض ترافع المتنازعين لديه كافياً في رفع الاختلال ثبت بذلك قضاء التحكيم، أمّا لو فرض أنّ مجرّد ذلك لا يرفع الاختلال؛ لأنّه كثيراً مّا يتّفق أنّ أحد المتخاصمين لا يرضى بالتحاكم، فلابدّ من قاضٍ منصوب يحقّ له جلب المتخاصم عند طلب المتخاصم الآخر.

فثبت بذلك على الإجمال أنّ الشريعة الإسلامية نصبت بعض الناس قضاة، فأمّا من هم هؤلاء البعض؟ _ وقد افترضنا عدم نصّ خاصّ يرشدنا إليهم _ فلابدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن لو كان، وهذا ما سنبحثه إن شاء اللّه عند بحث الشروط.

وعلى أيّ حال فالصحيح تماميّة سند الخبرين الماضيين:

أمّا توقيع إسحاق بن يعقوب فلما ذكرناه في كتاب «أساس الحكومة الإسلامية»(1) في تصحيح سنده ولا نُعيده هنا. وأمّا مقبولة عمر بن حنظلة فلثبوت


(1) وحاصله: أنّ الرواية رويت بسندين:

الأول: الصدوق في إكمال الدين، عن محمد بن محمد بن عصام، عن محمد بن يعقوب، عن إسحاق ابن يعقوب ....

الثاني: الشيخ في الغيبة، عن جماعة، عن جعفر بن محمد بن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما كلهم، عن محمد بن يعقوب.

والسند الثاني إلى إسحاق بن يعقوب صحيح مطمأن إليه؛ حيث يرويها جماعة _ منهم المفيد فإنّ الشيخ يروي جميع كتب وروايات ابن قولويه عن جماعة أحدهم المفيد _ عن جماعة _ منهم ابن قولويه والزراري المقطوع بوثاقتهما _ عن الكليني، فلا يبقى في السند غير إسحاق بن يعقوب، ولا اسم له في الرجال فيكون مجهولاً، لكن مجهوليته لا تضر هنا، لأنّها إنما تضرلوجود احتمال الكذب أو التساهل، وهو هنا منتفٍ، لأنّ احتمال الكذب أو التساهل إن فرض في أصل دعوى صدور التوقيع، يردّه: أنّ احتمال ←