المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

202

الموجبة له، فإنّ قضاءهم (عليه السلام) بالبيّنة والأيمان كثير جداً، واحتمال مطابقتها جميعاً للواقع بعيد، كما يدفعه أيضاً قوله (صلى الله عليه و آله): «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له قطعة من النار»(1). هذا مضافاً إلى أخبار كثيرة في أنّ القضاء بمثل هذا العلم إنّما هو للقائم (عليه السلام) كرواية عبيدة بن الحذاء عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: «إذا قام قائم آل محمد  حكم بحكم داود (عليه السلام) لا يسأل بيّنة»(2)...(3).

أقول: المفهوم عرفاً من هذا الحديث التامّ سنداً هو أنّ الحكم قبل الإمام القائم ؟عج؟ إنّما هو بالبيّنة لا بالعلوم الغيبيّة من سنخ المكاشفة والإلهام، وذلك إمّا من باب أنّ مَن قبل القائم ؟عج؟ لا يحصل له علم من هذا القبيل في مورد القضاء، أو من باب أنّه ليس له أن يحكم بذلك. وعلى أيّة حال فهذا البحث أيضاً _ عادةً _ خارج عن محل الابتلاء.

وقد تركّز بهذا العرض موضوع بحثنا في علم القاضي غير المعصوم بالحكم عن الطرق الاعتيادية دون الكشف والإلهام.

والآن نشرع في ذكر عمدة الأدلّة التي يمكن الاستدلال بها على أحد الطرفين:

أدلّة الحجّية

أمّا حجّية علم القاضي فيمكن الاستدلال عليها بعدّة أمور، بعد وضوح أنّ حجّية علم القاضي أو نفيها بحاجة إلى دليل؛ إذ العلم هنا نسبته إلى عدم جواز القضاء به _ لو قيل بذلك _ نسبة الموضوع إلى الحكم، وليس علماً طريقيّاً كي تكون حجّيته


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص169، الباب 2 من كيفيّة الحكم، ح 1.

(2) نفس المصدر، ص168، الباب الأول من كيفيّة الحكم، ح 4.

(3) راجع كتاب القضاء للمولى علي الكني، ص 255 _ 256.