المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

163

﴿الظّٰالِمُونَ﴾، أو ﴿الْفٰاسِقُونَ﴾»(1). ممّا قد يستفاد منها أصل جواز الحكم من قبل الناس من دون أن يؤخذ في ذلك أيّ شرط من شرائط القاضي المنصوب ولا شرط النصب، فقد يقال: إنّ هذه الآيات راجعة إلى قاضي التحكيم، كما استدلّ السيد الخوئي بها على عدم اشتراط الاجتهاد في قاضي التحكيم حيث قال في تكملة المنهاج:

«وأمّا قاضي التحكيم فالصحيح أنّه لا يعتبر فيه الاجتهاد خلافاً للمشهور، وذلك لإطلاق عدّة من الآيات منها قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا وَإِذٰا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّٰاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ...﴾(2)»(3).

أقول: إنّ هذه الآيات إنّما هي بصدد بيان أنّ الإنسان حينما يحكم يجب أن يكون حكمه حكماً بالعدل وبما أنزل الله. أمّا متى يحكم ولمن يجوز الحكم؟ فهذه مسألة أُخرى لم تكن الآيات بصددها؛ كي تثبت بإطلاقها عدم شرط الاجتهاد، أو عدم شرط النصب، أو عدم أيّ شرط آخر.

السيرة العقلائية

الرابع _ بناء العقلاء وسيرتهم بدعوى قيام ذلك على تنفيذ حكم قاضي التحكيم رغم عدم نصبه ما دام المترافعان قد تراضيا به، ولم يرد ردع عن ذلك وهو دليل الإمضاء.

أقول: هذا الوجه أيضاً لو تم فإنّما يثبت نفوذ حكم قاضي التحكيم بالمعنى الأول؛


(1) المائدة: 44_45_47.

(2) النساء: 58.

(3) ج1، ص 9.